إلى غيره في وقت فعل ذلك الغير بعد تحصيل وظيفته من العلم.
أدبه في تصنيفه
قال النووي: ينبغي أن يعتني بالتصنيف إذا تأهل له فيه يطلع عَلَى حقائق العلم ودقائقه ويثبت معه لأنه يضطره إلى كثرة التفتيش والمطالعة، والتحقيق والمراجعة، والاطلاع عَلَى مختلف كلام الأئمة ومثقفه، وواضحه من مشكله، وصحيحه من ضعيفه، وجزله من ركيكه، وما الاعتراض عليه من غيره، وبه يتصف المحقق بصفة المجتهد.
وليحذر كل الحذر أن يشرع في تصنيف ما لم يتأهل له فإن ذلك يضره في دينه وعلمه وعرضه.
وليحذر أيضاً من إخراج تصنيفه من يده إلا بعد تهذيبه وترداد نظره فيه وتكريره.
وليحرص عَلَى إيضاح العبارة وإيجازها فلا توضح إيضاحاً ينتهي إلى الركاكة ولا يوجز إيجازاً يفضي إلى المحق والاستغلاق.
وينبغي أن يكون اعتناؤه من التصنيف بما لم يسبق إليه أكثر والمراد بهذا أن لا يكون هناك مصنف يغني عن مصنفه في جميع أساليبه فإن أغنى عن بعضها فليصنف من جنسه ما يزيد زيادات يحتفل بها مع ضم ما فاته من الأساليب.
وليكن تصنيفه فيما يعم الانتفاع به ويكثر الاحتياج إليه.
آداب تعليمه
التعليم هو الأصل الذي به قوام الدين والدنيا وبه يؤمن أمحاق العلم وفي التنزيل الحكيم: وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتموه وقال النبي صلى الله عليه وسلم ليبلغ الشاهد منكم الغائب.
يجب العلم لأن يقصد بتعليمه وجه الله تعالى، وأن أي جعله وسيلة إلى غرض دنيوي لأن ما كان خالصاً كان مستمراً غضاً في كل حين وما كان لغرض زال عند الظفر به فقات ما قصد له.
ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية فإنه يرجى له حسن النية. وربما عسر في كثير من المبتدئين وتصحيح النية فالامتناع من تعليمهم يؤدي إلى تفويت كثير من العلم مع