ويحسن خلقة مع جلسائه ويوقر فاضلهم بعلم أو سن أو شرف أو صلاح، ويتلطف بالباقين.
وينبغي أن يصرف يديه عن العبث وعينيه عن تفريق النظر بلا حاجة، ويعم الحاضرين بالتفاته ويجلس في موضع يبرز وجهه لهم.
ويقدم من دروسه أهمها فيقدم التفسير ثم الحديث ثم الأصولين ثم الأهم فالأهم، ولا يقرأ الدرس وبه ما يزعجه كمرض أو جوع أو مدافعة الحدث أو شدة فرح أو غم.
ولا يطيل مجلسه إطالة تملهم أو تمنعهم فهم الدرس أو ضبطه، وليكن مجلسه واسعاً ولا يرفع صوته زيادة عن الحاجة ولا يخفضه خفضاً يمنع بعضهم كمال فهمه.
ويصون مجلسه من اللغط والحاضرين عن سوء الأدب في المباحثة، وإذا ظهر من أحدهم شيء من مبادئ ذلك تلطف في دفعه قبل انتشاره ويذكرهم أن اجتماعنا ينبغي أن يكون لله تعالى فلا يليق بنا المناقشة والمشاحنة بل سبيلنا الرفق والحياء واستفادة بعضنا من بعض واجتماع قلوبنا عَلَى ظهور الحق وحصول الفائدة.
وإذا سال سائل عن أعجوبة فلا يسخرون منه.
وإذا سئل عن شيء لا يعرفه أو عرض في الدرس ما لا يعرفه فليقل لا أعرفه أو لا أتحققه ولا يستنكف عن ذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه: يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فمن العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكفلين رواه البخاري.
قالوا: وينبغي للعالم أن يورث أصحابه لا أدري: معناته يكثر منها، ولا يضع ذلك من منزلته بل يدل عَلَى وقور عقله وعظم محله لأن المتمكن لا يضره عدم معرفته مسائل معدودة، بل يتمنع من لا أدري من قل علمه وقصرت معرفته وضعفت تقواه لأنه يخاف لقصوره أن يسقط من عين سائليه أو سامعيه وهو جهالة منه بإقدامه عَلَى الجواب فيما لا يعمله يضر نفسه وغيره وقد يبوء بالخزي العاجل أولاً ثم الآجل وفي الحديث المتسبع بما لا يعطه كلابس ثوبي زور.