وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول العلم واستثماره، أن يقطع العلائق الشائكة عن كمال الاجتهاد، ويرضي باليسير من القوت ويصبر عَلَى ضيق العيش قال أبو حنيفة رضي الله عنه: يستعان عَلَى العلم بجمع الهم ويستعان عَلَى حذف العلائق بأخذ اليسير عند الحاجة.
وقال الخطيب البغدادي: يستحب للطالب أن يكون عزباً ما أمكنه لئلا يقطعه الاشتغال بحقوق الزوجة والاهتمام بالمعيشة عن إكمال طلب العلم.
وأن يتواضع للمعلم وينقاد له ويأتمر بأمره كما ينقاد المريض لطبيب حاذق ناصح.
ولا يأخذ العلم إلا ممن كم لت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته وكانت له دربة وخلق جميل وذهن صحيح واطلاع تام.
وينبغي أن ينظر معلمه بعين الاحترام والرجحان عَلَى أكثر طبقته فهو أقرب إلى انتفاعه به ورسوخ ما تسمعه منه في ذهنه وقد قال الشافعي: كنت اصفح الورق بين يدي مالك رحمه الله صفحاً رفيقاً هيبة له لئلا يسمع رفعها. وقال الربيع: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليّ هيبة له.
ويروى عن علي كرم الله وجهه قال: من حق العالم عليك أن تسلم عَلَى القوم عامة وتخصه بالتحية، وأن تجلس أمامه، وتشير عنده بيدك ولا تغمزن بعينيك غيره ولا تقول قال فلان خلاف قوله ولا تغلبن عنده أحداً ولا تسار في مجلسه ولا بأحد بيوته ولا تلح عليه إذا كسل ولا تشبع من طول صحبته فإنما هو عليك كالنخلة تنتظر متى يسقط عليها منك شيء.
ومن آداب المتعلم أن يتحرى رضاء العلم وإن خالف رأي نفسه ولا يفشي له سراً وأن يرد غيبته إذا سمعها فإن عجز فارق المجلس وأن لا يدخل عليه بغير إذن وإذا كان معه غيره قدم الأفضل والأسن وأن يدخل كامل الهيبة فارغ القلب من الشواغل متطهراً متنظفاً بسواك وقص ظفر وإزالة ريح ويسلم عَلَى الحاضرين بصوت يسمعهم ويخص الشيخ بزيادة إكرام وكذلك يسلم إذا انصرف.
ولا يتخطى رقاب الناس ويجلس حيث انتهى به المجلس إلا أن يأذن المعلم أو الحاضرون بالتقدم والتخطي أو يعلم من حالهم إيثار ذلك ولا يقم أحداً من مجلسه فإن آثره غيره بمجلسه لم يأخذ إلا أن يكون في ذلك مصلحة للحاضرين بأن يقرب من الأستاذ ويذاكره