بتوزيع هباته حيث يمكن تحقيق إتيانها بفائدة ومعظم المحسنين الكبار يتصرفون بنوع من التأني في بذلهم وكثيرون منهم يدرسون المشايع التي يراد البذل في سبيلها درساً خصوصياً بنفوسهم عَلَى نحو ما يفعل مورغن وشيف وفي بعض الأحيان روكفلر لنهم يعتبرون أنهم قد يبذلون ثرواتهم جزافاً إذا لم يترووا أو يسلكوا.
يؤثر عن أندرو كرنجي قوله أن لا خير في الرجل الذي يموت غنياً ويذهب كثيرون عَلَى أنه عامل عَلَى إنفاق كل ثروته قبل وفاته. إلا أن محسناً أميركياً آخر سبق كرنجي إلى العمل بمنطوق هذه العبارة فبذل كل ثروته البالغة سبعة ملايين دولار دون أن يحتفظ منها بشيء وهو الآن مقيم في أحد الملاجئ التي أنشأها كرمه يقضي بقية أيامه بسلام. وهذا المحسن هو الدكتور د. ك بيرسون من هايندزدايل إيلينويز الذي وهب في هذه السنة آخر ما كان يملك بما فيه أرضه والبيت المحيطة به.
ولكن الدكتور بيرسون لا يعد من كبار محسني سنة ١٩١١ وإن تكن هباته بإجمالها كبيرة. بل يرد في المقام الثاني بعد كرنجي الدكتور صموئيل بالا أحد أطباء لوس أنجلس كاليفورنيا الذي وهب ثروة لا تقل عن عشرة ملايين دولار ورثها من أسرته في بلاد المجر. وتخلى عن جميع ألقاب الشرف التي كانت له حينما تجنس بالجنسية الأميركية. وإن مثل الدكتور بالا وأندرو كرنجي - وكلاهما غير أميركي المولد - أكبر برهان عَلَى استحقاق المهاجرين وعظم إفادتهم لوطنهم الجديد ومقدار شعورهم مع إخوانهم الأقل منهم حظاً.
ومن تنوع الغايات التي تناولتها إحسانات سنة ١٩١١ أن السيدة ماري تروترشاستيان وقفت ثروتها البالغة خمسة ملايين دولار عَلَى إقامة ملجأ للنساء من بنات النعمة اللواتي أخنى عليهن الدهر وأصبحن بلا ملجأ. وقد أقيم هذا الملجأ في لكسنتن كنتكي وهو الوحيد من نوعه في هذه البلاد.
ومنها أيضاً ما يسعى إليه أحد أعظم تجار شيكاغو جيمس باتن من تطهير الأرض من السائل الرئوي أو الطاعون الأبيض فقد خصص لذلك حتى الآن لا أقل من أربعة ملايين دولار وهو يوالي تبرعاته بدون حساب في هذا السبيل. أما دافعه إلى ذلك فهو أخاه توفي بالسل أولاً ثم ما لبث أن توفى ابنه فكان له بذلك باعث شخصي عَلَى مقاتلة المرض