وذكر ما رآه في كليات الشرق من امتزاج البنين بالبنات في المدارس الداخلية فتراهم يتعلمون ويلعبون ويرتاضون معاً وللفتيان أماكن خاصة لنومهم كما للفتيات بحيث ترى ربات الجمال يعملن فلا يخفن الهواء ولا البرد ولا الحر ولا عيون الرجال وما قط سمع بعار ارتكب أو فضيحة أتيت.
ولقد كان يخامر خاطري وأنا أرى أولئك الفتيان والفتيات يتراكضن ويتدارسن متروكين لغرائزهم ثم بدا لي بعد الاختيار أن هذه التربية هي آكد الطرق إلى الفضيلة وأن استعمال الحرية أحسن ذريعة وأتم نظام وأن فتيان الفرنسيس ليغلطون إذا وهموا أن هذا النوع منة التربية الأميركية لا يخرج رجالاً أكفاء ونساء ذات كفاءة فإنا نرى أبناء هذه التربية يسيحون في أوربا وأكثرهم لا يعرفون لغاتها وبحسن رجولتهم ومتانتهم يحسنون التخلص في كل مكان فهم يرون أن تربيتهم المستقلة لا تفصلهم عن سائر العالم بل تقربهم.
ولكالما سألني النساء ولاسيما في اقصى الغرب من أميركا حيث بلغ ارتقاء الجنس اللطيف أقصى كماله عن رأيي في حالة المرأة الأميركية والمرأة الأوربية وقالت لي إحداهن أنك أتيت من أوربا بأوهام وتقاليد بشأن المرأة وكيف جاز للأم الفرنسية أن تشك في عفاف ابنتها فلا تتركها بعد الغروب تسير وحدها فاجبتها بان بناتنا قلما نخاف عليهن من الوطني بقدر ما نخاف مثلاً عَلَى الفتاة التي تسير وحدها في جادة باريز لكثرة ما يجيء هذه العاصمة من أخلاط الزمر الذين يجيئون لينفقوا فيها أموالهم والفتاة لا سلاح معها لا ضد القانون فقط بل ضد الأخلاق التي يجب تحسينها قبل كل شيء.
وقال لي إحداهن: ولا تظنن أن المرأة الأميركية سعيدة أكثر من المرأة الإفرنسية فإن زوجها وإياها لا يشركها في حياته كما يشارك الفرنسوي زوجته أو ابنته فالزوج الإنكليزي يمر أمام امرأته والمرأة الأميركية تمر أمام زوجها أما المرأة الفرنسوية فإنها تمر مع زوجها كتفاً إلى كتف.
نغم المرأة في فرنسا ولاسيما في البلاد التي لا يسمح فيها السائحون مثل مسقط رأسي السارات هي الحاكمة الحقيقية في بيتها وبعبارة ثانية أن الحاكم هو الرجل والمرأة هي الساهرة الرجل يأمر والمرأة توحي وتبذل كل ما بوسعها للقيام بكل ما يقتضيه منزلها من الإعمال فهي تباكر قبل زوجها توقد النار وتهيئ الطعام وتوقظ الأجير أو تضع العلف