لنذرك والنذر لها وفاء ... إذا بلغ الخزاية بالغوها
كأنك كنت تعلم يوم بزت ... ثيابك ما سيلقى سالبوها
فما عتر الظباء بحي كعب ... ولا الخمسون قصر طالبوها
معناه أننا وفينا لك ولم نقنع بأخذ ثأرك بشيءٍ يغني عما نذرته كما تذبح الظباء بدل الغنم وهو مثل ضربه وكان جويء لما أصيب مر به رجل فقال أخا مزينة ما طرحك هذا المطرح فو الله إنك من قوم يحمونك فرفع رأسه إليه وهو يجود بنفسه فقال أعطي الله عهداً ليقتلن منكم خمسون ليس فيهم أعور ولا أعرج وبلغ قوله قومه فوفوا له بما قال.
(ومنها) قول عروة بن الورد أشد صاحب اللسان
وغني وإن عشرت من خشية الردى ... نهاق حمار إنني لجزوع
عشر الحمار نهق أو تابع النهيق عشر نهقات ووالى بين عشر ترجيعات في نهيقه فهو معشر ونهيقه يقال له التعشير. وكانت عادتهم أن الرجل منهم إذا ورد أرض وباء وضع يده خلف أذنه فنهق عشر نهقات نهيق الحمار ثم دخلها لزعمهم أنه إن فعل ذلك أمن من الوباء. وكان عروة قد خرج في رفقة إلى خيبر فلما قربوا منها عشروا وأبى هو أن يفعل فعلهم.
(ومنها) قول امرئ القيس بن حجر من قصيدة يصف بها رحيله إلى قصره:
إذا قلت روحنا أرن فرانق ... عَلَى جلعد واهي الأباجل أبثرا
عَلَى كل مقصوص الذنابي معاود ... بريد السرى بالليل من خيل بربرا
الفرانق الذي يدل صاحب البريد عَلَى الطريق وبربر قبيلة توصف خيلها بالصلابة وقد يسأل لم كانت هذه الخيول مقصوصة الأذناب فالجواب أنه كان من عادتهم قص أذناب بغال البريد ومنه قول الفرزدق:
أتغضب أن أُذنا قتيبة حزناً ... جهاراً ولم تغضب لمقتل ابن حازم
وما منهما إلا نقلنا دماغه ... إلى الشام فوق الشاحبات الرواسب
تذبذب في المحلاة تحت بطونها ... محذفة الأذناب جلع المقادم
يعني بالشاحبات البغال والمراد هنا التي للبريد كما في كامل المبرد. وأما الخيل فكانت خاصة ببرد ملوك العرب في الجاهلية ولهذا ذكر امرئ القيس في بيته المتقدم لأنه كان ملكاً