وفي الجولان اتصلنا بجماعة من تجار الإبل ذاهبين إلى مصر فسايرناهم وقطعنا سهول الجولان ومراعيه وبتنا في الليلة الثالثة دون عقبة فيق ومن الغد هبطنا العقبة وهي لا تقل عن ساعتين وتعد من أعظم عقاب بلاد الشام ومنها يشرف المرء عَلَى أراضي الغور غور بيسان وبحيرة طبرية ونهر الشريعة أي الأردن وليس عَلَى هذا النهر العظيم سوى جسر قديم متداع وجسر بنات يعقوب فقطعنا الأول سباحة عَلَى الدواب ثم توقلنا الجبل إلى موقع الدلايكة وهو وادٍ بين جبلين منفرجين متآزيين من عمل طبرية عاصمة الأردن القديمة بل عاصمة الجليل أصبح أكثره ملكاً للصهيونيين من مهاجرة الإسرائيليين الأوربيين يستنبتونه ويستثمرونه عَلَى طريقتهم المتعارفة في ديار الغرب حتى لقد تحس للحال بالفرق بين زراعة الوطنيين وزراعة المهاجرين فقرية مما ملكهم أرقى بزراعتها مرات من قرية كفر سبت وسكان هذه من المهاجرة الجزائر فبتنا تلك الليلة في سوق الخان بلد الصبيح عَلَى ساعتين من الناصرة وفي سفوح جبل الطور المشهور في التاريخ المسيحي.
وفي اليوم الرابع اجتزنا غابة غبياء من شجر البطم فرأيناها آيلة للخراب كما تؤول الآن غابات سورية كلها اللهم إلا ما كان من غابات لبنان التي تزيد ولا تنقص وقطعنا هذه الحراج في ساعة ونصف حتى بلغنا قرية دبورية وفي منقطع أرض هذه الدسكرة يبتدئ مرج ابن عامر أو سهل يزرعيل المذكور غير ما مرة في التوراة، قطعنا بالعرض في أربع ساعات حتى بلغنا قرية اللجون ومنها دخلنا في وادي عارة من عمل نابلس وطوله ثلاث ساعات وهو ضيق النطاق متوازي الأضلاع خصب الرباع وفي آخره كان آخر عهدنا بجبال سورية إذ لم نعد نرى بعده جبلاً يذكر حتى بلغنا أرض مصر في جهات العريش وقطية فلمحنا عن بعد جبلاً في الرمال يسمونه جبل الحلال وبتنا الليلة الخامسة في عيون الأساور عَلَى ساعتين من قيسارية وهي قرية يسكنها مهاجرون من البوشناق وكانت من المدن الكبرى العامرة في القديم، وفي اليوم السادس اجتزنا قرى بلاد نابلس مثل قاقون وقلنسوة والطيرة ومسكة حتى بلغنا نهر العوجاء عَلَى ساعة ونصف من يافا وعنده حططنا رحالنا وطريق هذا اليوم الذي قبله عامر بالحبوب ويكثر الزيتون في بلاد نابلس إحدى أمهات مدن السامرة من كور فلسطين وتقل المياه حتى يضر الأهلون أن يستقلوا من أماكن