للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من زاد وعلف وغيره ولكثرة ما كان فيه من الأمن أدركنا المرأة تسافر من القاهرة إلى الشام بمفردها راكبة أو ماشية لا تحمل زاداً ولا ماء فلما أخذ تيمورلنك الشام وسبى أهلها وحرقها في سنة ثلاث وثمانمائة خربت مراكز البريد واشتغل أهل الدولة بما نزل بالبلاد من المحن عن إقامة البريد فانخل بانقطاعه طريق الشام خللاً فاحشاً.

قالوا والبريد خيل تشترى بمال السلطان ويقال لها السواس والعلوفات وهي مقررة عَلَى عربان ذوي إقطاعات عليها خيول موظفة تحضر في هولال كل شهر إلى كل مركز أصحاب النوبة بالخيل فإذا انسلخ الشهر جاء غيرهم وهم لهذا يسمون خيل الشهارة وعلى الشهارة والٍ من السلطان يستعرض في رأس كل شهر خيل أصحاب النوبة فيه ويدوغها بالداغ السلطاني وقد أنشأ أمراء مصر وملوكها مثل كريم الدين وكيل الخاص الناصري والملك الأشرف خليل ومفخر الدين كاتب المماليك وناصر الدين الداوادار التنكزي وطاجار الداوادار وكافل الشام الطنبغا والظاهر بيبرس البندقداري وغيرهم خانات ورباطات وفنادق ومساجد وآباراً ودساكر لأبناء السبيل وكان الطريق في بعض الأدوار يتحول قليلاً من أول الكورة إلى آخرها ولكنه لم يخرج قط في كونه من مصر من الغرب إلى الشرق ثم يعرج في بلاد الشام نحو الشمال قليلاً حتى دمشق.

وكان حمام الزاجل الذي هو بمثابة تلغراف أجدادنا يسير من القاهرة إلى ببليس ومنها إلى الصالحية ومن الصالحية إلى قطية ومن قطية إلى الواردة ومن الواردة إلى غزة ومن غزة إلى القدس ومن عزة إلى نابلس ومن غزة إلى لد ومن لد إلى قاقون ومن قاقون إلى جنين ومن جنين إلى صفد ومن جنين إلى بيسان ومن بيسان إلى إربد ومن إربد إلى طفس ومن طفس إلى الصنمين ومن الصنمين إلى دمشق.

وكان الثلج ينقل عَلَى الهجين من بلاد الشام إلى حضرة السلطان بقلعة الجبل بالقاهرة وقد جاء زمن وهو لا يحمل إلا في البحر خاصة - كما جاء في التعريف بالمصطلح الشريف - من الثغور الشامية بيروت وصيدا ويفرض عَلَى البقاع وبعلبك إرفادهما في ذلك وكان يسيراً فكثر وقرر منه عَلَى طرابلس ممن استقر عَلَى جبة بُسري والمنيطرة من عمل لبنان اليوم. والمراكب تأتي دمياط في البحر ثم يخرج الثلج إلى الشرابخانات الشريفة ويخزن في صهريج أعد له وأصبح في القرن الثامن يحمل في البر والبحر ومدة ترتيب حمله من