حزيران (يونيو) إلى آخر تشرين الثاني (نوفمبر) وعدة نقلاته في البر ٧١ نقلة متقاربة مدة ما بينها وقد صار يزيد عَلَى ذلك ويجهز بكل نقلة بريدي يتداركه ويجهز معه ثلاج خبير بحمله ومداراته يحمل عَلَى فرسه بريد ثان والمرصد في كل نقلة خمسة أحمال والمستقر في كل مركز له ستة هجن خمسة للحمل وواحد للهجان قال العمري ولا يصل الثلج متوافراً إلا إذا أخذ الثلج المجلد وأجيد كبسه واحترز عليه من الهواء فإنه أسرع إذابة له من الماء. وكذلك قال المناور مواضع رفع النار في الليل والدخان في النهار للإعلام بحركات العدو وقد أرصد كل منور الديادب والنظارة لرؤية ما وراءهم وإيراء ما أمامهم وهي من أقصى ثغور الإسلام إلى حضرة السلطان بقلعة الجبل حتى أن المتجدد بكرة بالفرات كان يعلم بها عشاء. وهذه المناور بدخانها ونيرانها أشبه بالهليوستا والإبجكتيف لعهدنا.
هكذا كان طريق مصر إلى القرن التاسع للهجرة وهذا أقصى ما بلغته مدينة القوم في أسباب النقل والراحة وينزل اليوم في هذه النفوذ أي الرمال المتراكمة كما يسميها العرب أناس من عرب مصر يرجعون في أصولهم إلى يطون وأفخاذ معروفة عندهم تعرفهم بسيماهم ضئال الأجسام صفر الوجوه عَلَى نحو وصفهم واصفوهم في القرون الوسطى وهم شاوية يقومون عَلَى تربية الشاء ولهم جمال قليلة وزرعهم في الأكثر الشعير في الشتاء والبطيخ في الصيف ولهم نخيل قليل في بعض واحاتهم وبالقرب من سبخاتهم ولا حجر في ديارهم يبنون به بيوتهم ومساكنهم حقيرة يصنعونها من الخوص فلا هم بادية يؤون إلى الخيام ولا هم حضر كالعرب النازلين منذ القديم في ريف مصر كالفيوم والشرقية وغيرهما من مديريات القطر مثلاً ولهجاتهم أقرب إلى لهجات سكان جنوب سورية منها إلى اللهجة المصرية ومن فلسطين يكتالون وفي فلسطين يقضون شطراً من السنة في رعي أغنامهم وماعزهم ولم تعمل الحكومة المصرية شيئاً لارتقائهم سوى أنها نشرت أعلام الأمن عَلَى ربوعها. ولذلك ترى تجار الإبل يأتون بها من بلاد مجد والجزيرة والشام ولا يزالوا يحاذرون اعتداء السراق عليها حتى يبلغوا رفح وعندها يوقنون أنه لا يضيع لهم في تلك البادية عقال بعير ركان العرب هذه النفوذ من قبل مثلاً سائراً في الاعتداء عَلَى السابلة وهم اليوم معفون من الضرائب والخدمة العسكرية وغريب كيف لا ينالهم قسط من مدنية