في سبيل الطرب والموبقات يزداد شهراً فشهراً بل يوماً فيوماً وما غلاء أسباب المعاش بالذي يحول عَلَى الإقبال عَلَى دور التمثيل والصور المتحركة والموسيقى والتزحلق والألعاب المختلفة ولكن ليس هذا شأن البلاد الراقية فقد أحصت باريز ما أنفق الناس في دور تمثيلها فبلغت مداخيلها في السنة الماضية نحو ٥٩ مليوناً من الفرنكات أو نحو مليونين وأربعمائة ألف جنيه هذا عَلَى حين لم يتجاوز مجموع ما جمع لإغاثة البائسين في تلك العاصمة الكبرى ٢٥٤ ألف جنيه فتأمل كيف يقبل الناس عَلَى المسليات ويرغبون عن الباقيات الصالحات.
ملك الصحافيين
يعرف قراء الصحف اليومية أن من جملة من غرقوا في الباخرة تيتانيك التي غرقت في شهر إبريل الماضي في مياه أميركا وغرق فيها نحو ١٥٠٠ رجل وامرأة من أنحاء العالم المستر ويليام ستيد صاحب مجلة المجلات وملك الصحافيين في إنكلترا مغيث الملهوفين وخادم الإنسانية الأمين ولسنا نطال هنا إلى كتابة ترجمة الرجل فترجمته تشبه تراجم أكثر العصاميين في العالم تعلم في مدرسة ابتدائية فقط ثم عمل في التجارة سبع سنين ثم اتصل في الصحافة مدفوعاً إليها بعامل الولوع بها وأنشأ منذ سنة ١٨٨٩ مجلة المجلات الإنكليزية وهو في الأربعين من عمره فامتازت وهي شهرية بمقالاتها السياسية المؤثرة ولكننا نريد لأن نذكر له مزية من أكبر المزايا فيه وهو أنه يلتهب إذا سمع ظلماً نال شعباً مظلوماً ولطالما شدد الوطأة عَلَى حكومته في تهورها بحرب البوير ودافع عن البوير حتى اضطرت حكومته بعد إنفاق النفقات الطائلة وبذل عشرات الألوف من الأنفس أن ترجع إلى رأيه العادل العاقل وكل الأمم كما قال أحد واصفيه مهما بلغ من عظمتها تراها كالأطفال تكشر عن نابها قبل تناول الدواء الذ يصفه الطبيب. وله اليد الطولى في إنشاء محكمة السلام في لاهاي وهو الذي قابل معظم ملوك الأرض وأعاظمها وعلمائها واشتهر بمحادثاته السياسية التي سن سنتها ولطالما كان يدل عَلَى الملوك والأمراء وأرباب المال من ذلك إدلاله عَلَى قيصر روسيا وقوله له تنصرف الآن عظمتكم لترى القيصرة والأولاد فصرف هو القيصر بدلاً من أن يصرفه القيصر ومن ذلك أنه اجتمع مع سلطان العثمانيين في صدد اعتداء الطليان عَلَى طرابس الغرب وأراد السلطان أن يهديه هدية فخاف ستيد