للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من ذلك أن يكون وساماً أو غير ذلك من أدوات التشريف في الحكومات فلحظ السلطان ذلك وقال له مثلك لا يمنح وساماً فرتبتك أعظم الرتب وأراد السلطان أن يهديه علبة لفائف من الذهب فقبلها ولكن بعد أن أهدى هو للسلطان مسكة قلم من ذهب أيضاً ولم يرض ستيد أن يأخذ قط نفقة ينفها في سبيل من السبل لأجل غرض يتعلق بملك أو أمة بل كان يصرف من جيبه مع أنه ليس من أرباب اليسار الزائد وقد رأينا من يزيدون عليه مئة ضعف بثروتهم حتى في إنكلترا يسعون إلى المطامع الدنيئة ولذلك عظم موقع ستيد من النفوس حتى أنه نسي حقوق الصداقةمع سسل رودس الغني الإنكليزي الكبير يوم الحملة البويرية وحمل عليه حملة منكرة لأن هذا كان من النافخين في ضرام حرب الترنسفال في حين كان رود يريد أن يدفع مليون جنيه لستيد لينشئ بها جريدة يومية لا مثيل لها بين صحف العالم الممدن تباع عَلَى مكانتها مجاناً لتبث الأفكار الصحيحة خالية من مؤثرات رجال السياسة والماليين والتجار والمحتالين والمشتركين والمبتاعين وغيرهم لتكون صحيفة بيضاء نقية لا تقول إلا الحق ولا تدعو لغير العدل. كان ستيد الحركة الدائمة في العالم يطوف لإقناع الأمم والحكومات بإقامة العدل يفكر أثناء السفر ويكتب في البحار وعنايته بمجلته جعلتها في مقدمة مجلات العالم وكذلك كان في كل عمل تولاه قبلها ولاسيما رئاسة تحرير البال ما غازت وكان عَلَى جانب من التدين كبير يقول بأمور في الأرواح لا يقول بها المشتغلون بالأبحاث الطبيعية وبقي عَلَى تدينه إلى آخر حياته فهو خدم الإنسانية طوال حياته وخدم أمته أجل خدمة وسجن مرة لفرط حريته وخرج بعد ثلاثة أشهر أقوى همة مما كان قبل السجن وبالجملة فهو تمثال الصحافي الحقيقي بعلمه وتجاربه ومضائه وشرف نفسه وبعده عن المطامع لا كأثر الصحافيين في الشرق والغرب لصوص في صورة صلحاء وأبالسة يقولون في الملائكة ويفعلون فعل الخنازير وما الفضل حقيقة في نبوغ هذا الصحافي العظيم إلا لسلامة محيطه ومن كانت أمته كالأمة الإنكليزية في حبها الحق والعدل كان حرياً أن يعمل مثل ستيد الأعمال الكبرى التي لا يحلم بها كل إنسان.

فقيد دمشق

فقدت دمشق عالماً أديباً من الطراز الأول أستاذنا السيد محمد المبارك الجزائري عن ٦٧ سنة كان فيها مثال الأدب الرائع والأخلاق الفاصلة كرم النفس. درس كما يدرس أهل