سقى الله حياً بالموقر دارهم ... إلى قسطل البلقاء ذات المحارب
والقسطل نزله الوليد بن يزيد وهو قرب البلقاء وخلفه فيه عمه العباس وكان الوليد يستوطن الزيزاء. وفي البلقاء قصر الأزرق والفدين قريب من حصن الزرق وهذين قيل أنهما من عمل حوران ومعظم الراويات عَلَى أنه من عمل البلقاء.
العمران والسكة الحجازية
إن كان لدور الاستبداد حسنة فأعظم حسناته سكة حديد الحجاز التي مدت في عهد المخلوع وبتزيين قرينه أحمد عزت باشا العابد ولننهي منها حتى الآن القسم الأعظم من دمشق إلى المدينة المنورة وطوله ١٣٠٣ كيلومترات ومن حيفا إلى درعا ١٦١ كيلومتراً فانفق عليها فيما بلغنا ثلاثة ملايين ليرة ونصف صرف قسم مهم منها فقي مدينة دمشق فانتفع منه الملتزمون والتجار والزراع والعملة وبعض أرباب الصناعات والفنون وأنفق القسم الأعظم في ثمن أدوات وقطارات ومركبات حديد من معامل أوربا.
وما كاد ينتهي الخط إلى المدينة حتى نهضت البلاد بعض الشيء ولاسيما دمشق والمدينة وحيفا نهضة اقتصادية لا يستهان بها وحسن حال التاجر والمزارع وسارت الأمور الاقتصادية عَلَى نسق مرتب معقول فلم يعد في التجارة ذاك الكساد الذي نعهده في دمشق ولا التقهقر الذي كان في حيفا ولا الغلاء الفاحش في أسعار المدينة وهكذا انتفع المحطات عَلَى طول الخط من دمشق إلى المدينة وعددها ٧٥ محطة ومحطات حيفا ودرعا وعددها ١٥ فأخذت كل محطة بقدر حظها من العمران وانتفع منها في الأكثر ما كان له أثر قديم في الارتقاء.
ولو كانت الحكومة تلتفت بعض الالتفات لعمران البلدان لأخذت بأيدي كل من يودون إنشاء بيوت ودكاكين وخانات وفنادق في المحاطات وأعطتهم مئات الدونمات يجعلونها حدائق ويبنون عليها مساكن عَلَى شرط أن يعمروها في مدة تعينها لهم وإذا أمكن أن تمنح بعض محاويجهم إعانة مالية قليلة يستعينون بها عَلَى التعمير فكيف لا ندهش والحالة هذه إذ رأيناها ورأينا عمالها يوقفون من يبنون المساكن في مثل مدائن صالح وعددها لا يقل عن خمسين محلاً بدعوى أنه لا يسوغ إنشاء مدينة إلا بإرادة سنية فهلا استصدرت الإرادات السنيات في الحث عَلَى مثل هذه المشروعات التي لا يتصور أنفع منها في البلاد.