للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هكذا فعلت الحكومة مع من يريدون إقامة الدور والحوانيت ولم تقصر في وضع العقبات في سبيل من يريد غرس أشجار البرتقال لأنه ثبت أنها تجود في تربة هذه البلدة الرملية. وليت الإدارة تحمل الحكومة عَلَى ترغيب الناس في إنشاء الدور والحدائق لما في ذلك من الفوائد لعمالها إذ يستغنون بأسراتهم عن صرف أوقات الفراغ في المقامرة ومعاقرة الخمر ويقل عدد من يتعاطونها منهم.

نعم إن المحطات مالاً ينبت فيه كل شيء بحسب الظاهر ولا تمطره السماء إلا ساعات غير معلومة في السنة ولاسيما بعد ارض البلقاء وهواءها جاف حار محرق وعمرانها متوقف عَلَى عمل كثير طويل ومال غزير ليس بقليل فأمثال هذه المحطات تترك الآن وينشط كل من يود اعتمار الأراضي الموات قرب المحطات وإنشاء دور وحوانيت فيها ولو فعلت الحكومة لاستغنت مع الزمن من حراسة هذا الخط بكتائب من الجنود ترابط عَلَى طول السكة وإقامة اثنتي عشرة قلعة من الهدية إلى المدينة وهي اليوم تجعل في كل قطار يسافر بعد لواء حوران إلى المدينة جملة من الجند النظامي المسلح لحماية الركاب من عيث البادية إذا حدث حادث لا قدر الله.

نقول عيث البادية ولو أعملت الحكومة الفكر منذ اليوم الذي نوت فيه تمديد هذا الخط الحربي الديني التجاري لأوسعت لهم من تلك السهول الخصيبة في لواء الكرك ما كانوا الآن استغنوا بزراعته عن شن الغارات وإيذاء السابلة طمعاً في اقتناص ما يتبلغون به ولتوفروا عَلَى تربية مواشيهم وزروعهم كما يتوفر اليوم بنو حسن في قضاء عجلون وينو صخر في قضاء السلط والحويطات في معان والمجالي في الضمور والطراونة في الكرك وغيرهم في غيرها وكل هؤلاء من العرب الرحل يتأنسون بقدر ما يدخل النور عَلَى أولادهم ويستثمرون أرباح الزراعة والماشية ولاشك أنهم يعدلون بتة عن الغرة كلما أسكنت الأصقاع التي في جوارهم وخف الاعتداءُ عليهم.

ولسكة الحجاز الفضل الأكبر في تأنيس شارد البدو إذ عرفوا بأن قوة الدولة مهمة في كبح جماح كل معتد. وقد أخذت تصدر حاصلاتهم إلى الأسواق التجارية الكبرى فكانت الجنوب تكسد في بعض السنين الماضية في جهات لواءي الكرك وحوران فأصبحت اليوم تسافر إلى القاصية. وأبواب الشام والحجاز والبحر منفتحة أمامها. وهكذا يقال في السمون والجبن