لا ساكن فيها وكانت من المدن العامرة قبل الإسلام وبعده حتى أن أهلها صالحوا في غزوة تبوك عَلَى الجزية فبلغت مائة دينار في كل رجب وذكر المقدسي أنها مدينة متطرفة حجازية شامية وعندهم بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده وهو مكتوب في أديم وبذلك يستدل أنها كانت عامرة في القرن الخامس للهجرة بل إلى عهد قريب وكانت هي وموآب مدينتي الشراة.
وارض الشراة من الشوبك إلى رأس النقب كما يحددها الأهلون اليوم أي مسيرة يوم طولاً وعرضها ساعتان وهي الأرض المفلوحة مؤلفة من تلعات وأودية وفيها عيون غزيرة لا تقل عن أربعين عيناً لا ينفع بأكثرها وقسم منها الآن في عمل قضاء الطفيلة والآخر في قضاء معان وعلى جنوب الشراة بلاد طيءٍ أو جبال طيءٍ وهي الحد الجنوبي لسورية كما عرفها العرب قال خاتم الطائي وقد أغارت طيّ عَلَى إبل للحارث بن عمرو الحفني وقتلوا ابناً له:
إلا أنني قد هاجني الليلة الذكر ... وما ذاك من حب النساء ولا الأشر
ولكنني مما أصاب عشيرتي ... وقومي بأقران حواليهم الصير
ليالي نمسي بين جوز ومسطح ... نشاوى لنا من كل سائمة جزر
فيا ليت خير الناس حياً وميتاً ... يقول لنا خيراً ويمضي الذي ائتمر
فإن كل شر فالعزاء فإننا ... عَلَى وقعات الدهر من قبلها صبر
سقى الله رب الناس سحا وديمة ... جنوب الشراة من مآب إلى زعر
بلا امرئ لا يعرف الذم بيته ... له المشرب الصافي وليس له الكدر
وفي أذرح عين ماء غزيرة فوق أرض واسعة يمكن تشجيرها كلها ولها قلعة لا تحتاج إلا إلى ترميم خفيف وهي عَلَى أربع ساعات إلى الغرب الشمالي من معان وعلى ثلاث ساعات من وادي موسى وأنقاض دورها وعقودها وعمدها موجودة لا تحتاج إلا إلى بنائين فتكون مدينة تامة الأدوات في بضعة أسابيع وفيها اليوم أنقاض ثلاثة طواحين.
ربما يستهجن بعضهم أن نقترح جعل مركز لواء الكرك في أذرح وهي خراب وتترك الكرك وهي المشهورة بتاريخها خلقت بما لها من المركز الحصين الواقع عَلَى جبل عال خال من أطرافه لتكون عاصمة كبرى فضلاً عن مركز لواء ولكن مراكز الحكومات يجب