الآن من يد نقاشها وفي الجهة اليسرى قاعة مثلها وفي الصدر القاعة الكبرى أو الردهة المدهشة وكل هذه العمدان والسواري والتيجان والقاعات والرواق محفور في الصخر أو في هذا الجبل قطعة واحدة فكأن الحجر كان بيد صانعي هذا الهيكل وغيره من الهياكل والنواويس والقصور كالطين يجعلون منه ما يشاؤن والذي يزيد في الدهشة أن الحجر أحمر في هذه الجبال أو نوع من الحجر الرملي ولكنه بمتانته كالصخر الأصم ثم ترى عليك ذاك اللمعان فمن موجة حمراء إلى أخرى زرقاء إلى مثلها بيضاء إلى جانبها دكناء فسبحان من أنشأ هذا الصخر هنا منقطع النظير ورزق بانيه يد صناعاً تتفنن في تقطيعه ونقره بما فاق به البناة في سائر عاديات سورية. فإن كانت قلعة بعلبك تنم عن ذوق سليم وعلم واسع في النقش وجر الأثقال فإن هذه العاديات الخالدة الأزلية تنادي بلسان حالها هذه عظمة الديان إلى جانب عظمة الإنسان.
وترى إلى جانب الآثار قساطل من الفخار في جانب السيك الذي يشبه بعض جهاته الفج الواقع في شمالي قرية معلولا في جبل سنير (قلمون) وذلك عَلَى علو القامة استحجرت عَلَى الصخر حتى كأنها بعضه وهناك عَلَى بضع دقائق من خزنة فرعون كان في الغالب يخزن ماء هذه العاصمة برمتها وعلى مقربة من مخزن الماء وهو منقور في الجبل أيضاً ملعب التمثيل نقر في الصخر وله ٣٣ ممشى لجلوس المتفرجين ويسع ٣٠٠٠ نسمة وفي هذا الجوار أقدم النواويس وأهمها وبعد ذلك يجيء قصر البنات وهو بناء من الحجر رصفت حجارته كما ترصف الأبنية الضخمة من قلاع وأبراج وأسوار ونحوها والغالب كان للمتأخرين شبه دار للحكومة وهو مما عمر قبل عهد الإسلام وهناك ولاسيما في خربة النصارى آثار بعض أديار يدل اسمها قبرسمها عَلَى أنها من عمل المسيحيين عندما كانت لهم حكومة هنا عَلَى عهد الرومان واليونان وعلى مقربة من تلك الجبال الشوامخ والمنفرجات والأودية بعض نواويس وآثار ولكنها دون آثار بترا في المكانة وفي جبل الصبرا ملعب أو صورة تمثل قتالاً بين سفن حربية.
ويقول بعض علماء الآثار من الألمان أن معظم القبور التي حفرت عَلَى مثال قبور الحجر يرد عهدها إلى الملك أرتياس الرابع أحد ملوك بترا أي ٩ و٣٠ سنة قبل المسيح وبعده وليس في وادي موسى أعمدة من قبل الحكم الروماني عليها. وإن ما يشاهد من صور أبي