للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصخرية كما يسميها الإفرنج وسماها العرب سلعاً والسلع الشقوق في الجبال والغالب أن السلع قسم من العربية الصخرية وهي عبارة عن جبال (إذا رآها الرائي من بعد ظنها متصلة فإذا توسطها رأى كل قطعة منها منفردة بنفسها) وحدثنا من زار خرائب الحجر أو مدائن صالح أنها دون خرائب بترا بمكانتها.

وكان لبترا هذه أيام عز طويلة عَلَى عهد الدوميين والنبطيين العرب وقدماء الرومان والمكابيين وامتد حكمها إلى دمشق وكانت بيدها زمام التجارة مدة قرون في هذا الشرق الأقرب ولم تنحط إلا بارتقاء مملكة فارس وانبساط ظل سلطان تدمر ولما جاء الإسلام كانت خرائب كما هي اليوم والغالب أن بقايا مجدها أتت عليها الزلازل فدكتها كما دكت غيرها من المصانع والآثار.

إذا اشرف الراكب عَلَى قرية وادي موسى يرى روح النعيم فيها خصوصاً ويكون قد قطع ساعات في صقع أجرد أمر ليس فيه من الأشجار إلا الزعرور ولا من الغلات إلا قليل من الحنطة والشعير ولكن في وادي موسى حدائق بديعة تسقى من العيون الدافقة عليها من الهضاب المجاورة حتى تخال لنفسك لما تراه من بهجة الخضراء أنك في صقع عامر زاهر فإذا قصدت إلى العاصمة بترا أو تجبلت في السيك أي دخلت بين الجبلين المتناوحين العاليين وكل قطعة منهما تبلغ ألوفاً من الأمتار المربعة علوها من ٣٠ إلى ٥٠ متراً وأنت تسير في طريق لا يقل عن خمسة أذرع ولا يزيد عن عشرة ليس فيه إلا الأحجار والحصا أو مسايل ماءٍ لا ينبت فيها إلا الرتم والطرفاء تشاهد في الأعالي النواويس والقصور والمسلات محفورة في الصخر وينفرج الطريق مسيرة نحو ثلث ساعة وينقسم إلى قسمين قسم ذات اليمين وفيه تتمة المدينة والقسم الآخر جبال طبيعية تمتد إلى بعيد وتتصل بجبل هارون من أجمل المناظر المشرفة عَلَى تلك الأودية والجبال.

وهنا يتمثل أمامك قصر فخم يسميه الناس خزنة فرعون والغالب أنه كان معبداً لإيزيس أنشئ عَلَى عهد الإمبراطور أدريانوس الذي زار هذه المدينة سنة ١٣١ وفي واجهة هذا القصر رواق يتقدمه بضعة أعمدة كبرى وفوقها ثلاثة أعمدة أصغر منها ونقوش وتيجان وربما كان يصعد إلى العلية بلولب من الصخر بدليل ما يشاهد في الحائط من أثر الأدراج وإذا دخلت هذا الرواق ترى عَلَى اليمين قاعة كبرى تلمع أحجارها وتتموج وكأنها خرجت