وذلك حاربها صلاح الدين يوسف بن أيوب حباً عواناً وأقام الأيوبيون فيها وحصنوها ومازال ملوك مصر والشام يحاصرونها ويقتتلون أهلها وآخر أعمال الكركيين ذبهم عسكر إبراهيم باشا المصري ثم فتنتهم الأخيرة المشؤومة ويبلغ المسيحيون في الكرك نحو أربعة آلاف أكثرهم روم وفيهم لاتين وقليل من البرتستانت وفيها مدارس حقيرة لذكروهم وإناثهم ولئن كان المسيحيون اليوم عَلَى مستوى من جيرانهم المسلمين وكانوا نحو ١٥ ألفاً قبل الحوادث الأخيرة أو أرقي بقليل في المدنية فسيكون مستقبل هذه البلاد لهم وناهيك بأن تلامذة المكتب الرشدي اليوم وهي زهاء ثلاثين تلميذاً كلهم من أولاد المسيحيين وإذا كان فيهم التلميذ الواحد أو الاثنان من أبناء المسلمين فيكون كلانا غير مواظب هذا في مدارس الحكومة فما بالك في المدارس الطائفية المسيحية وتجارة البلد في أيدي أناس من أهل دمشق والخليل فقدوا أموالهم في الفتنة ولم يعوضوا عنها حتى الآن سوى سبعة في المئة مما قدر لهم.
ولم تبق الفتن من العاديات القديمة ما يذكر في هذه المدينة اللهم إلا أنقاض دائرة وجميع هذه الديار كانت عامرة وهي اليوم مأوى الغراب والبوم ناهيك بأن اللجون الواقعة عَلَى ساعتين من الكرك كانت بحسب ما رأينا من أنقاض ارتجتها الضخمة من المدن المهمة فأصبحت اليوم والحكومة تسكن فيها طائفة من المهاجرين وتعمر لهم دوراً فلا يلبثون أن يرحلوا عنها إذا أردوا تناقص النفوس فيها بسبب الماء والهواء وتركوا منازلهم خاوية فأنزلتهم الحكومة في بعض أنحاء البلقاء وما ندري كيف انقلبت طبيعة تلك البلاد المأهولة قديماً حتى لم تعد المدينة منها تصلح لأن تكون مزرعة حقيرة لفساد هوائها ومائها فسبحان القابض الباسط المعمر المدمر.
العربية الصخرية
طريق الكرك من القطرانة وطريق وادي موسى من معان يبتدئان بتراب كلسي ممزوج بصلصال لا استعداد فيه للزراعة اليوم ولذلك تظنك إذا توسطت تلك السهول وعرضها نحو ثلاث ساعات من الخط الحديدي تظنك في قفر بلقع حتى إذا انتصف الطريق تتراءى لك بعض عيون وزروع والمسافة بين معان ووادي موسى سبع ساعات للراكب كما هي بين القطرانة والكرك. ووادي موسى هو قرية اللجي وعلى نحو ساعة منه بترا أو العربية