للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما يتعلق بطبائع الأرض ومياهها وجبالها وبحيراتها وسهولها إلا وذكره عَلَى حسن صورة عرفها العالم وكذلك لم يدع فائدة في علم خصائص الشعوب والجغرافيا السياسية والاقتصادية إلا ألم به إلماماً لا يستطاع أكثر منه في عصره وهو القرن الرابع. وعلى كثرة ما أتى من المواد في كتابه الذي لا يتجاوز الخمسمائة صفحة من هذه الطبعة فإنك تجد كل فائدة قد ذكرت في موضعها بتنسيق غريب أدهش من نظر فيه من علماء المشرقيات في الغرب فأيقنوا بما رأوه أن فضل الله غير محصور بأمة معينة ولا بزمن خاص.

ولقد كنا نقول ونحن نطالع ما ورد في كتاب أحسن التقاسيم في وصف بلاد الشام وفلسطين أن هذا الفصل أجمل فصول هذا السفر لأن المؤلف قدسي يحسن معرفة بلاده ووصف ما حوت من الميزات والخيرات ولكن من طالع الكتاب برمته تتجلى له إجادته في وصف جميع بلاد الإسلام وما يجب عَلَى المطالع معرفته منها وإليك الآن ما قاله في إقليم مصر.

هذا هو الإقليم الذي افتخر به فرعون عَلَى الورى وقام عَلَى يد يوسف بأهل الدنيا فيه آثار الأنبياء والتيه وطور سيناء ومشاهد يوسف وعجائب موسى وإليه هاجرت مريم بعيسى وقد كرر الله في القرآن ذكره وأظهر للخلق فضله أحد جناحي الدنيا، ومفاخره فلا تحصى، مصره قبة الإسلام ونهره أجل الأنهار وبخيراته تعمر الحجاز وبأهله يبهج موسم الحاج وبره يعم الشرق والغرب قد وضعه الله بين البحرين وأعلى ذكره في الخافقين حسبك أن الشام عَلَى جلالتها رستاقه والحجاز مع أهلها عياله وقيل أن هو الربوة ونهره يجري عسلاً في الجنة وقد عاد فيه حضرة أمير المؤمنين ونسخ بغداد إلى يوم الدين وصار مصره أكبر مفاخر المسلمين غير أن جدبة سبع سنين متوالية، والأعناب والإتيان به غالية، ورسوم القبط به عالية، وفي كل حين تحل بهم الداهية، عمره مصر بن حام بن نوح عليه السلام وهذا شكله ومثاله.

وقد جعلنا إقليم مصر عَلَى سبع كورست منها عامرة ولها أيضاً أعمال واسعة ذات ضياع جليلة ولم تكثر مدائن مصر لأن أكثر أهل السود قبط ولا مدينة في قياس علمنا هذا إلا بمنبر فأولها من نجد الشام ثم الجفار ثم الحوف ثم الريف ثم الإسكندرية ثم مقدونية ثم الصعيد والسابعة الواحات. فأما الجفار فقصبتها الفرما ومدنها البقارة الواردة العريش. وأما