ومبادئها وأخلاقها إذا توحدت فيها غاية التربية والتعليم ووافق كلاهما حاجات الأمة لاسيما وأبناء المدارس وبناتها سيصبحون يوماً آباء وأمهات يتولون تربية الأولاد الأولى الأساسية التي تدوم آثارها بدوام العمر ولا يلاشيها إلا القبر. فعلى المدارس فقط يمكننا أن نعتمد الآن في تهذيب الأخلاق وإصلاحها هذا إذا عرفت كيف تتوصل إلى ذلك بالتربية الصحيحة والتعليم القويم. وقد أكثر العلماء والفلاسفة الغابرون والحاضرون من إيضاح أصول التربية والتعليم وما على من يتعاطى صناعة التدريس ويتولى شيئاً من أمور المدارس إلا مراجعة ذلك في أماكنه ودرسه حق دراسته وانتخاب ما يلائم حالة السكان ويوافق حاجاتهم وإتقانه تمام الإتقان وإلا فسدت أعمالهم وساءت نتائجها كما هو الواقع لعهدنا.
وبعد فكيف نرجو إيجاد أمهات مدركات وأباء عاقلين نعتمد عليهم في تنشئة أبناء الغد على المبادئ السامية والإهابة بهم إلى أسمى قمم الاجتماع وإدراك مراتب التمدن الرفيع ومدارسنا الحاضرة لا عناية لها بالأخلاق كما ينبغي؟ كيف نتمنى بلوغ المجد والأخذ بحظ وافر من الإنسانية وحفظ الثروة وإحسان التمتع بالحقوق والقيام بالواجبات وأخلاقنا على ما هي من الفساد والالتواء؟
الأخلاق الأخلاق خير ما تطالب به المدارس وإصلاحها من الأوليات الضروريات التي يجب أن تنحوها مقاصدها وتسدد إليها خطى المسعى. وعلى كل معلم أن يضع هذه الغاية الشريفة نصب عينيه ويلهج بذكرها في الليل والنهار كيفما حل وسار. ولا يغني المرء عن شريف الخصال مال ولا جاه ولا عز ولا بنون ولا ينيله حب الناس واحترامهم ونفعهم له إلا ما فطر عليه من كريم السجايا وما اعتاده من حميد العادات. وما الأخلاق في عرف الناس إلا مجموع عادات والعادة نتيجة ممارسة.
فإذا قام الوالدون والمعلمون بالوسائل الفعالة على منع الأولاد من ممارسة كل ما لا يحسن بهم أن يعتادوا عليه يحفظوا لهم مستقبلهم من ثقل وطأة تلك العادات ويخلصوهم من شرها وإذا فات ذلك الآباء والأمهات لجهل وغباوة لا يجب أن يفوت الأساتذة الذين يدعون العلم والمعرفة ويتنصلون من وصمة الجهل والغباوة.