للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العباسية هي قصبة الريف عامرة طيبة قديمة شربهم من النيل موضع الريف والخصب بنيانهم أفرج من بنيان مصر بها أضداد تحمل عليها وجامع حسن من الآجر رفقة سرية والمحلة الكبيرة ذات جانبين اسم الجانب الآخر سندفا بكل جانب جامع وجامع المحلة وسطها وجامع تلك عَلَى الشط لطيف وهذه أعمر وبها سوق زيت حسن والناس يذهبون ويجيئون بالزوارق شبهتها بواسط ودمية أيضاً عَلَى الشط طويلة عامرة بها بطيخ نادر.

الإسكندرية قصبة نفيسة عَلَى بحر الروم عليها حصن منيع وبها بلد شريف كثير الصالحين والمتعبدين شربهم من النيل يدخل عليهم أيام زيارته في قناة فيملأ صهاريجهم وهي شامية الهواء والرسوم كثيرة الأمطار جامعة الأضداد جليلة الرستاق جيدة الفواكه والأعناب طيبة نظيفة بناؤهم من الحجارة البحرية معدن الخراب وبها جامعان عَلَى جبابهم أبواب تغلق بالليل كيلا يصعد منها اللصوص وسائر المدن عامرات طيبات وفي نواحيها خرنوب وزيتون ولز ومزارع عَلَى البعل ومن ثم يصب في بحر الروم وهي مدينة ذي القرنين ولها قصة عجيبة.

الفسطاط هو مصر في كل قول لأنه قد جمع الدواوين وحوى أمير المؤمنين وفصل بين المغرب وديار العرب واتسع بقعته. وكثر ناسه. وتنضر إقليمه واشتهر اسمه. وجل قدره. فهو مصر مصر. وناسخ بغداد. وفخر الإسلام ومتجر الأنام وأجل من مدينة السلام. خزانة المغرب. مطرح المشرق. وعامر الموسم ليس في الأمصار آهل منه. كثير الأجلة والمشايخ. عجيب المتاجر والخصائص. حسن الأسواق والمعايش إلى حماماته المنتهى. ولقيا سيره لباقة وبها. ليس في الإسلام أكبر مجالس من جامعه ولا أحسن تجملاً من أهله ولا أكثر مراكب من ساحله. آهل من نيسابور. وأجل من البصرة. وأكبر من دمشق. به أطعمة لطيفة. وأدامات نظيفة. وحلاوات رخيصة كثير الموز الرطب. غزير البقول والحطب. خفيف الماء صحيح الهواء. معدن العلماء. طيب الشتاء أهله أهل سلامة وعافية. ومعروف كثير وصدقة. نغمتهم بالقرآن حسنة ورغبتهم بالخير بينة. وحسن عبادتهم في الأفاق معروفة قد استراحوا من أذي الأمطار. وأمنوا من غاغة الشرار. ينتقدون الخطيب والإمام. ولا يقدمون إلا طيباً وإن بذلوا الموال قاضيهم أبداً خطير والمحتسب كالأمير ولا ينفكون أبداً من نظر السلطان والوزير ولولا عيوب له كثير ما كان له في العالم من نظير