للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصب السكر وتختلط بنجوم الأرض وسهوبها المعشبة وبحقول التبغ التي يعبث بهال النسيم وترنحها نسمات الغدو والآصال وبالغابات الغلباء الغبياء حيث يدوي الجراد الوردي الحاد ويطير وهناك بحيرات صافية تضطجع فيها التماسيح مستلقاة على فرش من النيلوفر المزهر.

ظل العلم الأوربي خافقاً على تلك الجزيرة التي طالما تسكعت في العبودية ولم تبد نواجذ الشر وسكان الولايات المتحدة من وراء ذلك يحرقون الأرم غيظاً من ذلك. وما فتئ سكان الشمال منذ انتشر مذهب مونرو إلى أن انتشرت مذكرة ماكنلي سنة ١٨٩٨ يتربصون الدوائر بالاسبانيول ولا يكتمونهم العداء وقد دارت سياستهم في تلك الجزيرة على منع أية دولة أوربية مهما كانت قوتها من الاستيلاء على كوبا. واغتنمت الولايات المتحدة فرصة ضعف إسبانيا لتأخذ منها كوبا بالمال مباشرة أو بمعاضدة الثوار أو إشهار الحرب بالواسطة ودامت إسبانيا سنين طويلة ترقب وقوع هذه القنيصة في كفها. وما أشبه أميركا في مراقبتها إسبانيا إلا بنسر بالغ أشده ممتع بقواه ينقض على باز هرم لا منقار له ولا مخلب.

وفي غضون ذلك تبايع الماسونيون في تلك الجزيرة على الموت أو الاستقلال وقامت من بعد ومن قبل ثورات طفيفة كان القائمون بأمرها يخافون لأول أمكرهم البوادر حتى إذا كان عام ١٨٦٠ قام ثلاثة رجال ممن أشربت قلوبهم حب الحرية الحقيقية يحاولون استقلال بلادهم وقد خص كل منهم بمزية لا يشاركه فيها صاحبه وكان ثالثهم قائد جموع الزنوج وهم ثلث سكان الجزيرة فاشتعلت بهم جذوة الفتنة وكانوا النافخين في ضرامها من أقصى البلاد إلى أدناها. وبيعت الأسلحة للثائرين ودامت الحرب بين الثائرين والإسبانيين والولايات المتحدة ترقب من طرف خفي ما يحل بالجزيرة وتشهد إسبانيا تنفق أموالها وتمزق رجالها. ثم فسدت أحوال الموظفين والإسبانيين في كوبا وصاروا ينالون وظائفهم بالرشى والمحاباة فضج السكان وراحوا يتألفون عصابات تحت راية القائم هناك وأتتهم النجدات من كل الجهات. واتفق أن أرسلت إسبانيا عليهم أحد قوادها فأجرى من الفظائع والفضائح ما أسود له وجه إسبانيا أمام العالم المتمدن فزادت نفوس الكوبيين شموساً واشمئزازاً وقويت شكيمتهم على دفع صائل الإسبانيين وخلع نير سلطتهم.

وفي ١٢ أبريل (نيسان) سنة ١٨٩٨ أصدر رئيس جمهورية الولايات المتحدة بلاغاً أخيراً