إلى إسبانيا أعلن فيه الحرب عليها وحجته أن انتشار الفوضى في الجزيرة وطول أمدها وحب الإنسانية والأضرار التي لحقت بمصالح حكومته التجارية دعته أن يضع حداً لهذه الفتن لئلا يكدر صفاء الجزيرة. وقد عرف الكوبيون ما انطوت عليه صدور الأمريكان من الرغائب فخاطبهم أحد رجال السياسة بقوله: أنتم الدولة التي فسحت للأيرلنديين والبولونيين مجال الرجاء في الاستقلال وظهرت هذه المرة حكومة أميركا بمظهر العظمة وأن القول قولها فيما تريد لا تنازعها دولة أوربية فيما تنويه من حماية حقوقها. وكانت حرب الأمريكان مع الاسبانيول ذات بال وهي في الحقيقة لا خطر فيها عليهم ولم تمض أيام حتى حطم أسطولهم أسطول الإسبانيين في سانتياغو وعقدت عهدة الصلح في باريس فتخلت إسبانيا عن جزائر الفليبين لقاء عشرين مليون دولار وعن بورتوريكو وكوبا بدون أن تتعهد الولايات المتحدة بدين كوبا.
دخلت كوبا تحت حكم الولايات المتحدة سنة ١٨٩٨ وخرجت منها سنة ١٩٠٢ على وجه قل في الدول من يروقه العلم به. ذلك أنها لم ترغب في أن تحيد عن سنن الإنسانية فعملت بالحكمة المأثورة عن واشنطون مؤسسها الأول من أن المستقبل مضمون لأحسن الناس أخلاقاً فرأت أميركا أن ليس من الإنصاف أن يقاتل الأمريكان عن جزيرة تريد نزع السلطة الأجنبية ويأخذوها غنيمة باردة وهم أنصار الحرية الأقدمون ورجال السياسة المحنكون ولمستقبلهم باسمون وبعظمته مستبشرون. فمن ثم حافظوا على مصالحهم في الجزيرة وجعلوا لها حكومة جمهورية. ورفع تمثال إيزابيلا الكاثوليكية من المتنزه العام وكان قائماً فيه منذ مائتي سنة ونصب تمثال الحرية وغادر الحاكم الأميركي أرض الجزيرة بين الهتاف والدعاء لدولته بالنصر ولكوبا باشتداد الأزر (في الشهر الماضي اضطرت الولايات المتحدة أن تعود فتجهز جيشاً على كوبا لقمع ثائرة الثائرين).
دخلت الولايات المتحدة في مسألة فنزويلا سنة ١٨٨١ رغم إنكلترا ولم ترهب أساطيل هذه وعظمتها البحرية بل دفعها إلى ما تريد آمالها في النهضة الأميركية وما ترى لنفسها الحق فيه والاحتفاظ به من مثل مبدأ مونرو عدم مداخلة الأوربيين في أميركا تلك القارة التي لها حق التصدر فيها وأفضلية الحكم على سائر أقطارها وأهلها وأنها هي هي المرجع في كل المسائل الاجتماعية التي تعرض لأميركا والأمريكان يهددون إنكلترا ضمناً في المفاوضات