السياسية الطويلة حتى ساغ لهم بها أن يجروا ما أرادوا في فنزويلا مشيعين أن المخترع أديسون الشهير قد اكتشف مدافع تطلق قنابل من الديناميت وسلاسل مهلكة وأدوات كهربائية تبيد جيوشاً. بمعنى أن أميركا إذا أعلنت حرباً على أية دولة من دول أوربا لابد أن ترجع مكللة بأكاليل النصر وتكون إنكلترا أو غيرها مثلاً في يد الولايات المتحدة كما كانت إسبانيا في يدها كالفارة بيد القط. ثم فضت المسائل وانتهت بدوي مدافع الأمريكان في كوبا على ما أرادت الولايات المتحدة وتخلصت إنكلترا من هذه الورطة أحسن تخلص خائفة أن يصيب مستعمرتها كندا ما أصاب مستعمرات غيرها في أميركا من قبل.
ثم قامت الفتن بين الأحرار والمحافظين في كولومبيا دامت إلى سنة ١٩٠٠ فتداخلت الولايات المتحدة بواسطة أحد رجالها وكفت عوادي الشر فصار لها بذلك نفوذ أدبي متزايد وعلت مصلحتها فوق المصالح وكان لها الفضل في حقن الدماء وإغماد سيف الفتنة والعداء. وبينما كان الأمن يعود إلى نصابه في كولومبيا كانت حكومة فنزويلا تسيل دماً نجيعاً لاختلاف الكلمة على رئيسين لها يتنازعان السلطة. حرب قتل فيها نحو ثلاثين ألف رجل ومع هذا هونت بعض الجرائد أمر هذه الفتنة ودعتها بحرب الرواية الهزلية. وقد ساعدت الولايات المتحدة كولومبيا على فنزويلا في الباطن في مسألة التخوم بين تينك المملكتين وقامت أميركا الشمالية تدفع عادية من يريد كولومبيا بسوءٍ وحجتها أنها لا ترضى إلا باستتباب أسباب التجارة في برزخ باناما وأنها ما لجأت إلى القوة في هذا المعنى إلا لما عجزت كولومبيا عن ذلك.
قضت الفتن الأهلية وتجييش الجيوش والتعويضات والنهب أن تكون خزانة حكومة فنزويلا أفرغ من فؤاد أم موسى وماليتها أضعف من جسم العليل بعلة قديمة حتى تضرر من ذلك أرباب الأموال من الأجانب النازلين فيها ولاسيما الإنكليز والألمان والطليان بل تضررت ثروة الغرباء من الأوربيين كلهم ورعايا الولايات المتحدة أيضاً وأنذرت ألمانيا حكومة الولايات المتحدة بسوء المصير. وسنة ١٩٠١ أعلن سفير جرمانيا الولايات المتحدة أن دولته تضطر إلى استعمال القوة في فنزويلا إذا لم تجب هذه مطالب الماليين الأجانب ثم عادت تلك الدول الثلاث والغضب آخذ منها مأخذه لسلب حقوق رعاياها حتى اضطرت السفن الألمانية أن تغرق سفينتين فنزويليتين وعندها قامت الولايات المتحدة تقول أنها