للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لحظك ما يدخلني في رفضك ويدلني عَلَى غل صدرك وفي ذلك أقول شعراً:

نظل في قلبه البغضاء كامنة ... فالقلب يكتمها والعين تبديها

والعين تعرف في عيني محدثها ... من كان من حزبها أو من يعاديها

عيناك قد دلتا عيني منك عَلَى ... أشياء لولاهما لم كنت أدريها

أن الأمور التي تخشى عواقبها ... إن السلامة ترك ما فيها

وقال في كثرة المال وقلته: لا تستكثر مال أحد ولا تستقله حتى تعلم ما عياله فإن من كثر ماله وعياله فهو مقل ومن قل ماله وعياله فهو مكثر.

وقال في ذكر الأحمق ودخوله فيما لا يعنيه: وأكثرهم دخولاً فيما لا يدخل فيه وأرضاهم بما لا يكفيه - عدوه أعلم بسره من صديقه وصديقه قد غض منه بريقه ولا يثق بمن نصحه ولا يتهم من خدعه ولا يأمن إلا من يخونه زلا يتحفظ إلا ممن يحفظه ولا يكرم إلا من يهينه أشبه شيء خلقاً باللئيم إن أحسنت إليه لم يشكر وإن أسأت إليه لم يشعر لا ينفعك من وجهه إلا ضرك من وجوه: إن أقبل عليك لم يسرك وإن أدبر عنك لم يضرك إن أفسد شيئاً لم يحسن أن يصلحه وإن أصلح شيئاً أفسده إن أحببته فرأى منك حسناً لم يحسن أن ينشره وهو مع ذلك بخطئه أشد إعجاباً من العاقل بصوابه إن جلس إلى العلماء لم يزدد إلا جهلاً وإن جلس مع الحكماء لم يزدد إلا طيشاً وإنما جعل نفسه المحدث لهم يكلفهم أن يكونوا المنصتين له أعيا الناس إذا تكلم وأبلدهم إذا تعلم واصحبهم لمن يشينه وأرفضهم لمن يزينه وأشدهم في موضع اللين وألينهم في موضع الشدة وأجبنهم في موضع الشجاعة أن افتقر عجب من الناس كيف يستغنون وإن استغنى عجب من الناس كيف يفتقرون لا يفهم إلا حدثته ولا يفقه إن أفهمته ولا يقبل إن وعظته ولا يذكر إن ذكرته وفي ذلك أقول شعراً:

المرء يصرع ثم يشفى داؤه ... والحمق داء ليس منه شفاء

والحمق طبع لا يجول مركب ... وما أن لأحمق فاعلمن دواء

وقال في ذكر الهوى: إن من الناس من إذا هوي عمي ومنهم من إذا هوي أبصر مرة وأعمي أخرى ومنهم من إذا هوي لم يكد يخفى عليه شيء وهو اللبيب العاقل الحليم الكامل الذي إن أعجبه أمر نظر إلى هواه وعقله فإن اتفقا اتبعهما وإن اختلفا اتبع عقله وترك هواه وكان أمراً معتدلاً يشبه بعضه بعضاً وقليل ما هم في ذلك أقول شعراً: