للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أملك هواك إذا دعاك فربما ... قاد الحليم إلى الهلاك هواه

الله يسعد من يشاء بفضله ... وإذا أراد شقاءه أشقاه

وقال أيضاً في أناس تحسن وجوههم عند حاجاتهم وتغير وجوههم عند غناءهم شعراً:

أرى قوما وجههم حسان ... إذا كانت حوائجهم إلينا

وإن كانت حوائجنا إليهم ... تغير حسن أوجههم علينا

ومنهم من سيمنع ما لديه ... ويغضب حين يمنع ما لدينا

فإن بك فعلهم شحا وفعلي ... قبيحاً مثله فقد استوينا

وقال فيمن فعل أمراً لا يحسن أن يحتال له: اعلم أن من قاتل بغير عدة أو خاصم بغير حجة أو صارع بغير قوة فهو الذي صرع نفسه وخصم نفسه وقتل نفسه فإن ابتليت بقتال أحد أو خاصمته أو مصارعته فأحسن الإعداد له واعرف مع ذلك عدته وأبصر حجته وأخبر قوته كما يخبر قوتك وحجتك وعدتك فإن رأيت تقدماً وإلا كان التأخر قبل التقدم خيراً من التندم بعد التقدم وفي ذلك أقول شعراً:

إذا ما أردت الأمر فاعرفه كله ... وقيه قياس الثوب قبل التقدم

لعلك تنجو سالماً من ندامةٍ ... فلا خير من أمر أتى بالتندم

وإن من الناس من يرزق حجة أو عدة أو قوة فتكون عدته هي التي تقتله وقوته التي تصرعه وحجته التي تخصمه وذلك أنه ربما أدل فقاتل قبل أن يعلم أهو أعد أم الذي يقاتله وكذلك في الذي يخاصمه ويصارعه فإذا هو قد قتل أو صرع أو خصم أمام الذي يقاتله وكذلك في الذي يخاصمه ويصارعه فإذا هو قد قتل أو صرع أو خصم فلم ينفعه جودة عدته ولا قوة حجته حين أتى الأمر من غير جهته وفي ذلك أقول:

إذا ما أتيت من غير وجهه ... تصعب حتى لا ترى منه مرتقاً

فإن الذي يصطاد بالنفخ إن عنا ... عَلَى الفخ كان الفخ أعتى وأضيقا

وقال في الذي يعاقب الناس بغير مودتهم ويوجب حق نفسه عليهم: لا تدع الناس إلى برك وإجلال أمرك وتعظيم قدرك بالمعاتبة ولكن ادعهم إلى ذلك بما تستوجبه منهم وانظر الأمر الذي أكرم به من هو أبعد منك وقرب به من أنت أقرب منه فألزمه فإنك إن تلزمه لم تحتج معه إلى معاتبة ولا استبطاء حق لأنك إن دعوتهم إلى تكرمتك بغير ما تستوجب التكرمة به