تريد فما من الدنيا شيء تناله بدعة ولا رفق إلا وهو أهنأ مما نيل بتعب ونصب فأما من كفي وعوفي فما يصنع بالغضب والتضايق وأنهما هما العمر ونكد الدهر وفي ذلك أقول شعراً:
ما تم شيء من الدنيا علمت به ... إلا استحق عليه النقص والغير
ولا تغير من قوم نعيمهم ... إلا تكدر منه الورد والصدر
فعاد غماً ولن تلقى أمراً أبداً ... (أغمّ) من ملك أيام يفتقر
وقال في الكذب:
كذبت ومن يكذب فإن جزاءه ... إذا ما أتى بالصدق أن لا يصدقا
وقال فيه أيضاً:
إذا ما رأيت المرء حلواً لسانه ... كذوباً فأيقن أن لا حيا له
ولا خير في الإنسان إن لم يكن له ... حياء ولا في كل من لا وفا له
وقال في الأخوان:
ليس من كان في الرخاء صديقاً ... وعدو الصديق بعد الرخاء
عدة في إخائه لصديق ... إنما ذاك عدة الأعداء
لو صدفنا بذي إخاء أمين ... لاشترينا إخاءه بالغلاء
لو وجدنا أخاً متيناً أميناً ... لاتخذنا أخاه للشفاء
أما الرفقاء في السفر والجلساء في الحضر والخلطاء في النعم والشركاء في العدم فاحفظ مصاحبتهم وواظب عَلَى إخائهم وفي ذلك أقول شعراً:
وكنت إذا صحبت رجال قوم ... صحبتهم وشيمتي الوفاء
فأحسن حين يحسن محسنوهم ... واجتنب الإساءة إن أساؤوا
وأبصر ما يعيبهم بعين ... عليها من عيوبهم غطاء
أريد رضاهم أبداً وآتي ... مشيئتهم واترك ما أشاء
لا تبتدئن أحداً بصغير مما يكره ولا بكبيره ولا بقليل مما يسخط ولا بكثيره فإن ابتداك أحد بشيء من ذلك فقدرت عَلَى الانتصار منه فعفوت أو انتصرت فما أحسن جميع ذلك إلا أن العفو أكبر والانتصار أعز وكلاهما حظ وفي ذلك أقول شعراً: