وتصدق بها عليهم وشرط أم يرشدوا إلى قبره من يزوره ثلاثة أيام ولم يذكروا أنه اشترى أرضاً تسمى كربلاء، وهو دليل واضح يشير إلى أن كربلاء كانت من أرض الطف بعيدة عن قبر الحسين.
ولهم دليل آخر وأوضح بياناً من المتقدم وهو: إنه لم يسمِّ في وقت من الأوقات سابقاً محل القبر الشريف وما اتخذ حوله من الدور والأبنية باسم كربلاء وتأييد ذلك يؤخذ من كلام علي رضي الله عنه: كأن بأوصالي يتقطعها عسلان الفوات بين نواويس وكربلا فنفى بكلامه هذا أن يكون محل قبره الشريف كربلاء بل إنها عَلَى ما يظهر خارجة عنها. ونما أطلقت لفظة كربلاء عَلَى هذه القطعة الحالية لمجاورتها للقطعة التي كانت تسميت بهذا الاسم وهي كربلة.
٣ً ما يجاور كربلاء من المواطن المختلفة
وحول كربلاء مواطن مختلفة منها: الطف بالفتح والفاء مشددة. وهو في اللغة ما أشرف من أرض العرب عَلَى ريف العراق قال الحموي فيما رواه عن الأصمعي وإنما سمي طفاً لأنه دنا من الريف من قولهم خذ ما طفالك واستطف أي ما دنا وأمكن. . وقال أبو سعيد سمي الطف لأنه مشرف عَلَى العراق من أطف عَلَى الشيء بمعنى أطل وقيل إنما سمي بالطف لأنه طرف البرية مما يلي الفرات وكان يجري بجنبها، وطف الفرات ما ارتفع منه، وقيل هو الشاطئ منه، وكان في الطف عدة عيون جارية وقرى ومزارع كثيرة.
وفي حدوده مواطن منها (باخمرا) بالراء عَلَى سبعة عشر فرسخاً من الكوفة وهي التي قتل فيها إبراهيم بن عبد الله أخو صاحب النفس الزكية بأمر المنصور العباسي، ومنها السماوة قريبة من ذي قار ونضرب صفحاً عن سائر ما في حدودها ونقتصر عَلَى ما تلي حدودها وهي الفرات في شرقيها وشماليها وعين التمر التي من قراها شفاثا والقطقطانة وعين الصيد والرهيمة في جنوبيها.
وكانت أرض الطف من ديار الفرس ومسالحهم بالقطقطانة، وينصب من قلبهم الحكام عليها ثم تملكها الإسكندر المقدوني بعد محاربته ملك فارس دارا بن بهمن وتقسيمه ديارهم بين ملوك الطوائف فانتهز العرب الفرصة لما في أنفسهم من ريف العراق وكثرة خصبه واستبشروا بما وقع بين الملوك من الاختلاف وطمعوا بغلبة الأعاجم عَلَى ما يلي بلادهم