بإيران. ومما يزيد امتداد تجارتها واتساعها وجود كثير من الإيرانيين والهنديين. ومن أهالي ما وراء النهر الذين اتخذوا كربلاء موطناً لهم يجلبون إليها بضائع وأموالاً من بلادهم ويأخذون بدلها من حاصلات كربلاء ويرسلونها إلى ديارهم ومن أجل ذلك ترى أسواق كربلاء مشحونة ببدائع الصنائع ونفائس المنسوجات وأغلبها فارسية. ويباع في أسواقها من السجاد الثمين البديع الصنع ما لا يباع نصفه في بغداد. وترى في حوانيتها الزعفران الفاخر الخالص من كل شائبة وغش مما لا تجد مثله في أغلب المدن العراقية.
وتختلف واردات كربلاء مع توابعها بين ٤٥ ألف و٧٠ ألف ليرة عثمانية. ونفقاتها لا تتجاوز ٧ آلاف ليرة. ولو عنيت الحكومة بإرسال موظفين عارفين لغة أهلب البلاد غيورين عَلَى مصالح الدولة. وأسرعت فأنجزت أعمال سدة الهندية وشقت الجداول وحفرت الأنهار القديمة المندرسة. وعاملت الفلاح بالرفق واللين وصانت حاصلاته من كل أذى لازداد دخل الخزينة وتضاعفت وارداتها ولما احتاجت في السنوات الأخيرة إلى أن تمد يد العوز إلى الغرب.
٨ً هواؤها وأنهارها
يختلف هواء كربلاء باختلاف فصول السنة. ولا يختلف كثيراً عن سائر مدن العراق والحر والبرد شديدان في كربلاء ولكنهما في بعض الأحايين يابسان. وأحياناً تشتد وطأة الشتاء. وربما نزلت الحرارة إلى ٨ درجات في المدينة و١٦ في البرية. ويشتد الحر كل سنة حتى تبلغ ٤٨ درجة في الظل. وكان قبل نصف قرن يبلغ ٥٠ درجة إلا أنه كان يحتمل بعض الاحتمال إذا كان يابساً والهواء غربياً أو شمالياً. أما إذا كان شرقياً فتضيق الأنفس وتحرج الصدور. ويشتهي السكان سكن القبور. ويقتل الحر كل سنة عدة أناس بأمراض مختلفة تتولد من حمارة القيظ. ومما تقدم تعلم أن هواء كربلاء ردئ جداً في فصلي الشتاء والصيف. أما في فصلي الربيع والخريف فمعتدل للغاية.
ليس في كربلاء نهر يعتمد عليه غير الحسينية (بالتصغير). وهذا قد حفره السلطان العثماني سليمان خان القانوني سنة٩٤١ هـ ١٥٣٤م لما افتتح بغداد وكان أهل كربلاء يشربون مياه الآبار قبل حفر الحسينية لبعدها عن الفرات. وامتداد الحسينية سبع ساعات أو ٣٥ كيلومتراً وصدره من نهر الفرات عَلَى بعد ٣ كيلومترات من جنوبي ناحية المسيب.