الإسلام لبس الفرو مقلوباً كما قال علي كرم الله وجهه فوارحمتاه لغربة الإسلام ـ
هو أدار هذه القوة المعنوية رجال دين سليم وعقل راجح لكانت فوائد هذا الاجتماع من حيث الدين والمدنية أضعاف أضعاف فوائده اليوم فكما أرسل عليه الصلاة والسلام شعاعاً من نور حكمته قلب به العالم وغير بشريعته الطاهرة نظام الأمم هكذا يحمل دعاة دينه والمؤتمنون عَلَى تراثه سياسة المهتدين بهديه ما تستنير به العقول في هذا المجمع الجامع ويعم ضياؤه سكان الخافقين وهذا من القوى المهمة التي أضعفناها وكم ضاعت في بلادنا مواهب وقوى.
لم أشهد في المدينة عناية بأمور النظافة والإسلام جعلها من أولى الفروض فإن في المدينة عشرات من التكايا والزوايا منها نحو ٢٥ تكية للبنود فقط كلها تحتاج لإشراف رجال الصحة وكذلك الحال في المستشفيات. أما المدارس والكتاتيب فهي تشبه بضعفها سائر فروع الأعمال واللغة العربية لا تكاد تجد لها من العناية في المدارس الأميرية نصف ما لها في مدارس لبنان الأهلية! فكأننا أبت الأقدار إلا أن نكون حتى في بلادنا غرباء. ويكفي أن يقال من جملة التمثيل في هذا الباب أن الورق الروسي والروبيات الإنكليزية معمول بها في المدينة أكثر من النقود العثمانية.
وأهم خزائن الكتب في المدينة خزانتان مكتبة السلطان محمود العثماني ومخطوطاتها ومطبوعاتها تافهة لا شأن لها وأكثرها من المشهور ونظامها وسط. وأحسنها وربما كانت خير مكتبة في البلاد العثمانية كلها بنظامها وانتقاء أمهاتها في مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت أفندي ففيها نحو عشرة آلاف مجلد كتبت بخطوط المشهورين من الخطاطين كأن تجد الكتاب ذا العشرين جلداً مكتوب بخط مشرق بديع في مجلد أو مجلدين وفي هذه المكتبة من التسهيل من المطالعين والعناية براحتهم ما لا تكاد تجد مثله في دار الكتب الخديوية بمصر لعهدنا وما ذلك إلا لكثرة ريعها وإنفاقه في سبله واختياره القيمين عليها وإدرار المشاهرات الكافية عليهم.
وبعد فإن مسجد الرسول عَلَى كثرة عناية ملوك الإسلام بأمره في كل دولة وحكومة ليس من السعة وجودة البنيان بأكثر من جامع السلطان أحمد أو آيا صوفية من جوامع الآستانة وإن كان يشبههما في طراز بنائهما فهو أقل سعة من جامع الأزهر بالقاهرة والجامع