للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

امتازوا به من ضروب التميز عَلَى غيرهم من عامة الشعب قد أحرزوا نعمة التميز والفكر.

وقال من فصل آخر: وسعت الثورة الفرنسوية دائرة الإنسانية فأدخلت فيها الناس عَلَى اختلاف أجناسهم. عمت ولم تخصص وتوسعت في مراميها ومعانيها وراحت تعامل جماع الخلق مطبقة ما ورد في فلسفة أرسطو من تعريف الإنسان أنه حيوان عاقل قائلة بأنه إذا كان ذلك فلا يتأتى إبعاده من حيز العقل كما لا يتيسر طرده من الإنسانية. فالتعليم حق لا يفادي به المرء إلا إذا فادى بنفسه. لقد قرأت في قاعدة تمثال السياسي دانتون هذه الكلمة: التعليم أول ما تحتاجه الأمة بعد الخبز الذي تأكله وكلنا يعلم أن الديمقراطية نشأت من المعاكسات والمناهضات والمقاومات ولا تزال تسلك سبل النجاح والارتقاء.

لا غنية للديمقراطية عن خيرة رجال كما لا يسعها أن تقدر الذكاء والعلم والفضيلة حق قدرها ولا مشاحة في أن الديمقراطية تأتي عَلَى الحواجز التي كانت تحول بين الطبقة العالية وجمهور الأمة فتدكها من أساسها ذلك لأن المجتمع يختار كبار الرجال من جمهور أهل البلاد ممن ينشؤن أبداً بين ظهراني عامة الناس. لا يزالون ينمون ويتحدون بما يصدر إليهم من حوض القوة والنشاط وأعني بهذا الحوض البلاد فإذا اعتزل هؤلاء الرجال واقتصروا عَلَى الاجتماع بأبناء طبقتهم محتقرين ما عداها فإنهم يقضون عَلَى أنفسهم بالضعف وعلى أمرهم بالفشل. ليس الشعب هو الجمهور بل هو الأمة وهو الحاكم المتحكم. والفكر لا يكون إلا مجردات ونظريات إذا لم يكن له كيان وحقيقة تؤثر في عقول أبناء الأمة وإرادتهم. وعلى الطبقة الخاصة من الناس وهي في الأصل ممتزجة بجهلاء الأمة وأهل الوضاعة منهم أن يكون لها اتصال بالشعب وعليها أن تعمل عَلَى إقناعه لتنال ثقته. تتصل به وتشركه في معرفة لحقيقة السامية التي تخضع لناموسها الإرادات المختارة. ولى مجموع يتألف منهم المجتمع الديمقراطي أن يشتركوا في الحياة الوطنية.

مطالب الوطن بأن مطالب التمدن هي هي أعز مصالحنا التي نرمي إلى نيلها وتستلزم هذه المطالب أن لا يكون حث الأمة في التعليم من الشرائع المنسوخة فقد فرضنا آنفاً من باب التجوز أن كل امرئ هو شخص في ذاته وأن كل حي خلق عَلَى صورة البشر هو إنسان وقسمنا بينهم السلطة التي كانت في القديم محصورة في يد فرد واحد فعلينا أن لا نحجم فيما