أصولهم وأديانهم الحق أن يتبسطوا في بقاعها ورباعها وعليهم حقوق يقضونها عَلَى حد سواء.
وإني لأغتبط كلمت رأيت بأن عَلَى الأستاذ ألا يدرك قواعد الأوهام والخرافات إلا بإقامة ما يخلفها من الحقائق السامية وكلما رأيته مضطراً بحكم الضرورة إلى تجنب كل مشاغبة واعتراض وأن يلقي في الأذهان ما ثبت ووقع موقع الحسن ولم يقبل النقض من حقائق العلم ولا ينكر إلا ما لا يسعنا الاعتقاد به عن إيمان وإخلاص.
المدرسة الحرة التي لا تمس فيها الشعائر والعواطف ليست مما تجعل التعليم مشوشاً لا قيمة له ولا تأثير وتسلب المعلم الجرأة التي تعينه عَلَى القيام بعمله الشاق. وما معنى المدرسة الحرة الذي أقصده إلا أنها لا تنكر عَلَى معتقد اعتقاده ولا تحمل عَلَى الوجدانات وتنزع إلى ما دخل أعماق القلوب. المدرسة الحرة هي التي تهتم من وراء الغاية بمناهضة الأوهام كما تعنى بإقامة دعائم الحق بمعنى أنها تبذل جهدها فيما يجمع العقول في ظل مشرب واحد لا يوزعها ولا يهزعها. المدرسة الحرة هي التي إذا ناهضت الكاذب في كذبه والكافر في كفره والمتعصب في تعصبه فمناهضتها بأن توحي إلى القلوب حقائق أدبية لا يجسر امرؤ أن يجادل في صحتها جهاراً.
ليست المدرسة سلاحاً تستخدم للحرب ولا أداة تستعمل للغلبة بين الأحزاب. وليست المدرسة الحرة من الأوضاع الصناعية العارضة بل أرى لها في الماضي أصولاً تشعبت منها وقواعد قامت عليها. إن لها من التاريخ أثراً وحكمة وهي موافقة لما تم للعلم من الارتقاء وما نشأ عليه الوجدان البشري.
قام العلم المجرد منذ القرن السادس عشر مقام علم اللاهوت بفضل المذاهب الفلسفية العملية ووضعها موضع التطبيق. قام العلم المجرد يحقق نفسه ويزكيها بما عظم من أمره واتسعت به سلطته التي أمديها الإنسان وسلطة فيها عَلَى الوجود. لم تقم قط الوحدة الوطنية منذ ثار ثائر الثورة الفرنسية عَلَى وحدة الدين والمذهب. وهذا ما دعا إلى أن يكون في المجتمع المدني مبادئ تخوله البقاء والنهوض. وهكذا يرجع الحق الديني القديم القهقرى عَلَى التدريج أمام الحق البشري. وينبعث من ذلك بالتدريج فكر جديد بأن يكتفي المجتمع بما لديه من المقومات والمشخصات. وأنه بما ينشأ في وسطه من الأوضاع البشرية ثمين فقي