للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثق بأن الناس لا يتوقفون عن ورود مواد الردى مدفوعين بتوهم الكمال إذا عرفت كيف تلقي في نفوسهم أن هذا الكما لهو مادة حياتهم وبدونه لا تقوم لهم قائمة فإن صح أن هاذ التناهي في الكمال مناف للشدة وإزهاق الأرواح وجميع ضروب القتل ولا يكون إلا بتوطيد دعائم السلم بين الأمم فلا تطلب إلى ما تريد صلاحهم أن يتطاولوا فقط إلى الدفع عن حياتهم وحبها والإدلال بقدرها بل سهل في نظرهم بذل مبهجهم في سبيل حرب الوحدة وأعني بها حرب المطالبة بحقوقنا والحرب فقي الدفاع عن استقلال أمتنا.

أنشئت المدارس لتخريج جميع من يخرجون فيها أحراراً وطنيين. فوظيفتكم أيها المعلمون أن تعلمون أولاد الأمة. ومن المتعذر عليكم أن لا تخلفوا بمطالبها المشروعة أو أن تعاكسوها في مقاصدها عَلَى حين أنكم تعرفون حاجاتها وآلامها نعم أنتم معلمون وظيفتكم قد هدتكم إلى ما لا يعرفه غيركم أو يعرفه وينساه.

استفدتم من تجاربكم اليومية ما مكنكم من الوقوف عَلَى حالة الطبيعة البشرية وأن هذه الطبيعة وكثيراً ما نخطئ محجة الصواب وأنها في ذاتها ليست صالحة وأنه ينبغي لها أن تخضع فينا كلنا لنظام العقل والإرادة. تحظر عليكم مهمتكم أيها السادة أمراً واحداً وهو أنه لا تيسير لكم أن تعتقدوا بأنه يكفي انتظار الجنة أو الحلم بها. أنتم عارفون بأنه لا يكفي تغيير الأوضاع السياسية لتبديل الناس تبديلها وأن ضمن طرق في تربية المجتمعات أن تربي الأفراد الذين تتألف منهم العناصر التي هم في الحقيقة سداها ولحمتها. فسياستكم في تعليم الأولاد أن تعرفوهم قدر الكد والعمل وأن صلاح المجتمع بصلاحهم أنفسهم. إذا فعلتم ذلك تبدؤون بتحرير الأمة عَلَى ما ينبغي من قيودها وإذا حررتموها بقدر ما في وسعكم من عبودياتها الباطنية فإنكم تعدون المجتمع المقبل بعملكم هذا لأن يكون فيه رجال أكفاء أحرياء بتولي الأعمال والعيش في المجتمع. يتهكم خصوم المدرسة الحرة بأن مدرستكم أداة حرب يقصد بها حرب الكنيسة وأنها مخالفة لروح السلطة الروحية. ولكن فاتهم أن التعليم العلمي العلماوي هو نقيض التعليم الديني وأن من شأن المدرسة الحرة أن تبتعد عن إشهار الحرب بين العقول وأن تعمل عَلَى ربط أواخي الإخاء والسلام المتبادل بين العالمين.

قال إدغار كيني سنة ١٨٤٩ في كتابه تعليم الأمة: طالما ذهبت إلى أن المجتمع الحديث قائم عَلَى مبدأ لا يستطيع القيام به غيره. وعلى هذا المبدأ قام حقه المطلق في تعليم العلوم