للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المدنية. أساس هذا المجتمع الذي يربط بين أجزاءه ويمنعه من السقوط هو أن فيه نقطة لا يمكن تعليمها بمثل السلطة التي اتخذتها لنفسها إحدى الأديان الرسمية. هذا المجتمع يقوم عَلَى مبدأ حب أهل الوطن الواحد بعضهم بعضاً بقطع النظر عن معتقداتهم.

فمن الذي يا ترى يتولى نشر هذا المذهب الذي هو في الحقيقة مادة العلم الحديث وهيولاه؟ يتولاه بالفعل لا بالقول. من يعلم الكاثوليكي أن يكون أخا اليهودي؟ هل يعلم ذلك وهو الذي من أصول دينه أن يلعن اليهودي؟ من يعلم البرتستانتي حب البابوي؟ ألوثيروس صاحب الذهب البرتستانتي؟ أم البابا إمام الأحبار. ومع هذا ينبغي أن يجتمع أهل الأديان الأربعة الذين اعتادوا أن يتبادلوا كره بعضهم بعضاً تحت لواء واحد يضم شملهم الحب المشترك؟ من يأتي بهذه الآية؟ ومن يجمع هؤلاء الأعداء الألداء؟ لا شك أنه لا يجمعهم إلا مبدأ واحد سام عام. يجمعهم مبدأ ليس لأهل بيعة خاصة. هذا هو أساس التعليم الحر اهـ.

هذا الكلام عَلَى شده فيه مسلم به كله إذ أن وظيفة المدرسة تنقل تجارب الإنسانية في الأدب تنقل هذا الإرث المشترك في الحقائق المنشودة التي يهم أن يشترك فيها الناس أجمعون. يتيسر جمع الناس تحت لواء الحقائق الكبرى فمن العقل أن يتعلم أولاد الأمة الواحدة أن يتكلموا لغة أخلاقية مشتركة ويفزغوا إلى مبادئها ليتخذوها قاعدة تجري عليها أفكارهم وأعمالهم.

يقولون أن من غرض المدرسة الحرة أن تدك قواعد البيعة الكاثوليكية التي تزعم أن لها عَلَى المجتمعات البشرية حق السيطرة الروحية ممنوحة لها من الخالق تعالى. ولبكن مما توصف به القرون الحديثة منذ عهد الإصلاح إلى عهد الثورة الفرنسية التي لم تنته من عملها إلى اليوم أن تكون البلاد بجميعه ما فيها من الأعمال آخذة تنصبغ بصبغة دنيوية.

ليست المدرسة الحرة العامية من العوارض التي نشأت في المجتمع من ذاتها بل هي نتيجة حوادث ماضية وهي من لوازم المجتمع في فصل الشؤون الدينية عن الدنيوية. فالمدرسة الحرة ليست بهذا النظر عدوة الأديان الصحيحة بل تجهلها وترى أن في مكنتها أن تربي أبناءها عَلَى يدها وحدها.

جاء زنة كانت فيه العادات والأخلاق بل الحق برمته مرتبطة بالدين فكان من الكنيسة أن توسعت في سلطتها الروحية بدون رقيب. من يقصر حقه عَلَى الظلم يضطهده والظلم