يقضي بأن تكون القوة تحت أمره ويدير دفة الشؤون الدنيوية ويقمع العصاة ولكن المجتمع المدني بعد أن قاسى كثيراً من الظلم قد تخلص منه ورأى أن يحسن القيام بإدارة نفسه بنفسه. وتاريخ الفرنسويين لو نظرنا فيه مناف للكهنوتية ولطالما حاول أجدادنا أن ينزعوا ربقة الخضوع للكنيسة.
فصل الكنائس عن الحكومات بعقبه جعل المدارس حرة هو تنفيذ لمبدأ واحد هو لا يترجم بالفعل إلا عما هو مغروس في طبائعنا وقوانيننا وأفكارنا وأعني بذلك فصل الحياة السياسية عن الحياة الدينية وأن تقول في ذلك الخصوم ما تقولوا.
إلا أننا لقوم لا نريد الانحناء عَلَى الأديان ونزعها من النفوس ليدين الناس بالعدم بل نريد أن لا تكون عَلَى أعمالنا وعمالنا وحكومتنا ومجتمعنا مسحة دينية. نريد أن يكون الدين كما هو حقيقة. نريد أن تفي عنه ما ليس له. نروم أن يكون الدين لله وللمرء بينه وبينه نفسه لا علاقة بينه وبين الحكومة ونحن بعملنا هذا لا نشهر حرباً بل نلقي سلاماً.
وقال أيضاً في المدرسة الحرة:
أيها السادة: إننا لم نتخلص من سلطة الكنيسة لنبدلها بظلم طائفة الموظفين المنافقين. نحن لا نقول بالإلحاد الرسمي ولا ندعو إلى الاعتقاد بالدين بحجة شرعية وضمان الحكومة. فالإلحاد الرسمي هو أبشع مظاهر التعصب وعدم التسامح. إن الحكومات الجديدة تقصد إلى إلباس العامية التدريجية فلا علاقة للقانون أصلاً بالمذاهب والنحل بل إن له من الأوضاع البشرية ضماناً ومن المصلحة العامة ما يقوم عَلَى أساسه. فليس الزواج سراً من الأسرار الدينية بل هو عقد مدني وليس الملك كما قيل تعضده قوة سماوية ويسمح المسحة المقدسة ويستمد حقه الإلهي من السموات العلي بل هو من الشعب وهو ممثل إرادة مجموع الأمة. وسوف يكون بعد الآن كل ما هو ديني لا علاقة له بالاجتماع: الدين من خصوصيات النفس لا اتصال له بالوجدان الشخصي.
ألقت اختلافاتنا الدينية بيننا العداوة والبغضاء فانقسمنا بها عَلَى أنفسنا ولا يتأتي أن يحف السلام أرضنا والائتلاف ديارنا ولا أن يكون لنا منها أدب مشترك. لا يسوغ ن تكون المدرسة العامة إلا كما تكون الحكومة مصبوغة بغير الصبغة الدينية فإذا استوفت هذا الشرط وجحده تصبح ما يجب أن تكون وتقوم بما هو دعامتها ومادة حياتها. إن جمهوريتنا