للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسكيراً.

ولم يخطئ حكام تلك البلاد الاهتداء للجادة المثلى في اتقاء هذا السم الهائل ومنعه من التسرب إلى بلادهم بل صدرت الأوامر لأول العهد بأن يعاقب بالقتل كل متعاط للأفيون وإلى اليوم يجازى شاربه بالأشغال الشاقة وضربت عقوبات وغرامات شديدة عَلَى من يهرب الأفيون حتى لم يعد يجرأ صاحب سفينة أن يحمله.

والأحسن من ذلك أن يابان لما ملكت بلاد فورموز وكوريه شرعن في العمل لما من شأنه إبطال استعمال الأفيون فيهما عَلَى أسلوب بطئ ينقذ السكان من تلك المفسدة فجعلت التدخين بالأفيون عَلَى المصابين به من قبل متوقفاً عَلَى رخصة ينالونها ليستطيعوا الجري مع شهواتهم وهذه الرخصة تحدد الكمية التي يسمح لهم بأخذها. واحتكرت الحكومة عمل الأفيون وبيعه وهي لا تبيعه لغير من ألف شربه وثبت في لجنة خاصة أنهم مبتلون به وذلك بأثمان فاحشة تضطرهم إلى إبطال استعماله.

قالت الطان الباريزية بعد إيراد ما تقدم: وهذا خير مثال في الوقاية الاجتماعية قامت به مملكة الشمس المشرقة عَلَى ما رأيت. أنا نحن فنقول أن الحكومة المصرية عَلَى محاربتها في الظاهر لاستعمال الحشيش ما برح شائعاً في أهلها ويا للأسف عَلَى اختلاف طبقاتهم أما فتح العثمانية والمصرية صدر بلادهما لما يرد من بلاد الغرب من المشروبات الروحية المختلفة الصنع والاسم فإنه مما نسأل الله منه السلامة عَلَى صحة السكان وعقولهم وآدابهم وبينا نرى عجائب في الشرق الأقصى من سهر حكومته عَلَى كمال سكانه نشهد العكس من حكومات الشرق الأدنى بتساهل فقيما يورث أهله النقص والانحلال.

عصابة ضد الجنون

الجنون من أعظم النوائب التي اشتدت وطأتها عَلَى الجنس البشري فقد أثبت الإحصاء في جميع البلدان أن معدل المختل شعورهم أخذ بالتضاعف إلى حد يدهش المفكرين وجميع طبقات المجتمع يصاب منها أفراد وكثير من الناس يعلمون أسبابه ولا يتقونها. يعلم الشبان والشيوخ والكهول أن كثرة التأثر ومجارات الشهوات من أعظم العوامل في الجنون ومع هذا تراهم لا يتوقفون عن إتيان الرذائل التي تقودهم إلى المستشفيات فالموت الزؤام. وما من أحد لا يعلم أن الإفراط في استعمال الألكحول والمشروبات مدرجة إلى اختلال الشعور