ومع هذا ترى السكارى مدمنين عَلَى أقداحهم وأهل الشهوات في مسراتهم وأفراحهم وهذا ما حدا القائمين عَلَى الصحة والآداب في الغرب أن يحابوا تعاطي المسكرات بكل ما في وسعهم وأنشأوا لذلك النقابات والجمعيات فانتفع من ذلك كل من إنكلترا وإيرلاندا وفرنسا ورأت جمعية التعاون الأميركية أن نشر التعليم العلمي النفسي بين العامة أنجع الذرائع في القضاء عَلَى الجنون أو عَلَى الأقل في تخفيف ويلاته وذلك لأن الإنسان إذا لم يكن أبله يؤثر الصحة عَلَى المرض والحرية عَلَى السجن في ملجأ فعمدت إلى استعمال الطريقة التي كانت استعملت في نشر التوراة بين الخاصة والعامة.
وقد ترأس تلك الجمعية مديرو المستشفيات والمصالح وأشهر أطباء العته وأخذت تنشر بمئات الملايين نشرات فيها بيان ما يصيب المرء بتسامحه في تعاطي المسكر الذي يؤدي إلى الجنون فتتداولها الأيدي ويقراها بإمعان الشبان والأطفال والبالغون والبنات والنساء والأمهات فتتم ثل لأعينهم هذه البلية وتنهال أمثال هذه النشرات عَلَى الأطباء ونظار المدارس ورجال الكنائس ومديري المعامل والمصانع والنجار الذين يستخدمون الرجال والنساء وأرباب المطاعم والفندق وباعة المسكرات والمرتزقة مشفوعة بالرجاء إليهم أن يساعدوا تلك العصابة الشريفة عَلَى بث دعوتها في العامة وقد ثبت مؤخراً أن معدل الداخلين الشهري إلى المستشفيات من المعتوهين والمعتوهات قد نزل عن ذي قبل.
قلنا ألا يليق بمن عدوا أنفسهم منا في زمرة الخاصة القائلين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يفكروا في مثل هذه الإصلاحات الاجتماعية ومداواة العلل التي حدثت فينا من انتشار الو بقات والمسكرات بدلاً من أن يكثر بعضهم عَلَى بعض عَلَى غير طائل ويسعوا للشهرة من غير أبوابها ناسين بأعمالهم هدي كتابهم وسنة رسولهم وهيهات أن يرزق العقل السليم من حاد عن سنن الشرع السمح والمدنية الصحيحة.
جيش السلام
مات في إنكلترا رجل غريب الشأن من رجالها وهو القائد نوت مؤسس جيش السلام توفي عن ٨١ سنة قضاها في خدمة الإنسانية وكان أجير خياط في السنة الخامسة عشرة من عمره ثم بلغ به تقواه وحنانه الغريب عَلَى نحو ما يكون عليه بعض أهالي مذهبه فقام في ذهنه أن يدعو قومه وأبناء نحلته خاصة إلى العطف عَلَى البائسين ومواساة المنكوبين