ووعظ السكيرين والفاسدين واللاعبين وغذ كان هو من أسرة فقيرة وعرف معنى الفقر بالعمل جاء لندن سنة ١٨٤٨ وتوطن في أفقر أحيائها بين المحاويج من أبنائها وبدأ يعظهم بعملهم ويبث دعوة الإنجيل فيهم فاستمال ببلاغته قلوب الشعب وتعدى من الوعظ الخاص لأبناء مذهبه إلى الوعظ العام فاخذ يطوف إنكلترا وينشر الكلم الطيب ويؤاسي من أخنى عليهم الدهر ويدخل أناساً في جمعيته ولم يلبث أن خرج عن أهل مذهبه وأسس له مذهباً جديداً وذلك عقيب زواجه فنشر في الناس تعلماً مسيحياً كان أيضاً نظاماً عسكرياً فكسا رجاله كسوة الجند وأوجد رتباً ووزع مناصب وأدخل في جيشه الرجال والنساء ثم أنشأ عدة جوقات موسيقية وجريدة وأخذ ينشر الإعلانات الكثيرة عن مذهبه.
ولقد سخر القوم بصاحب هذا المشروع لأول مرة ولكنه ثبت عليه فأخذ ينمو السنة بعد الأخرى وكثر أشياعه وجيشه في أقطار الأرض ودخل فيه حتى الزنوج وقد اضطرت فيكتوريا ملكة إنكلترا أيام ملكها أن تستدعي إلى قصرها القائد بوت وتلتمس معونته في الهند وأوستراليا فقام في هذا السبيل بأعظم الخدم للأمة الإنكليزية.
هذا ما قرأناه في الصحف الإفرنجية وقد ذكرت مجلة التواريخ السياسية والأدبية نبذة في وصف جيش السلام بقلم أحد أعضاء المجمع العلمي الكونت دوسونفيل قال فيها: إن هذا الجيش كان سبب السخرية منه لأول مرة وإنك لا تتمالك من الضحك عندما ترى ضباطه يلبسون في رؤوسهم قبعات من القش صغيرة سوداء تحيط بها شريطة حمراء ومنذ تأسيس هذا الجيش سنة ١٨٧٨ عَلَى يد القائد بوت ما يزال عرضة للمعارضة الشديدة الوحشية بل بالاضطهاد ولاسيما في البلاد البرتستانتية من إنكلترا فتغلب هذا القائد عَلَى جميع هذه المصاعب بنشاط غريب وحقق جزءاً عظيماً من نياته التي ألم بها في كتابه الشقاء ببلاد إنكلترا وهو كتاب يبين ما في مطاوي المدنية الإنكليزية من الجروح النغارة وما في نظامها السياسي المدهش من النواقص فتمكن بذلك أن يجعل من جيش السلام جمعية زاهرة غنية يلجأ إليها الناس من حكومات وبلديات وجمعيات.
والذي يزيد قوة جيش السلام في لندرا وغيرها هو أنها تجمع في إدارة واحدة الأعمال المختلفة التي يتمم أحدها الآخر ولها الآن في عاصمة إنكلترا نحو خمسين معهداً مختلفة المقاصد منها ما يؤوي الأمهات ومنها ملاجئ للبائسين يبيتون فيها ومنها مخابز ومعامل