للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولقد قال ديكارت الفيلسوف العظيم: لا تكفي الإرادة لبث الشجاعة من مرقدها ونزع الخوف من أصوله بل تجب العناية في النظر إلى المعقولات والمحسوسات والأمثولات التي تقنع المرء بأن الخطر غير عظيم وأن الأمن يكون في الدفاع أكثر منه في الفرار وأن المجد والسرور في الظفر في حين لا يتوقع الأسف والعار من الفرار.

إنكم يا هؤلاء تخافون في العادة من البر والصاعقة والقعقعة المسموعة والأشباح المرئية في الظلمة والكلب الذي تصادفونه في الشارع والبقرة التي تحدق النظر فيكم بينا أنتم تجتازون إحدى المراعي ولكن قولوا لي كم بقرة نطحتكم وكم عدد الكلاب التي عضتكم فإن الأشباح التي ترونها في ظلام الليل الدامس قد لا تكون إذا وقدتم النور + + فسطانكم أو سراويلكم وكم من قعقعة سمعتموها ونشأ عنها ظهور لص أمامكم والرعد كم من مرة أهلككم.

لا جدال بأنه قد تحدث صواعق وسرقات واعتداآت ولكنها لا تخرج عن كونها حوادث تحصى وتنشر في الصحف إذا عراكم الخوف فاذكروا بأنكم شعرتم به أكثر من مرة ولم يصيبكم منه شيء فهو إذاً قد هزأ بكم فقولوا له: يا هذا أنا عارف بك فدعني مستريحاً. إذا فعلتم ذلك فأنتم ولا شك سائرون في طريق الشجاعة.

أريد أن أقنعكم الآن بالقاعدة التي سنها ديكارت بأن الأمن قد يكون مع الدفاع أكثر مما يكون في الهرب. وهذا الكلام مؤيد بالمثل القائل بالخوف لا يتوقى الخطر (العرب يقولون من التوقي عدم الإفراط في التوقي) بل إن الخوف كثيراً ما يحدث الخطر.

الكلب دائماً ينتصب عَلَى رجليه لأنه اعتاد ذلك فإذا وضع أنفه في الأرض وشم حيواناً يسرع في العدو والبقرة إذا خلصت من رعيتها تنظر بعينيها أمامها فيظن الولد أن الكلب يتأثره والبقرة تريد أن تبطش به من عدا أمام الكلب والبقرة كان أقرب إلى الخطر عَلَى نفسه. ولعل الوقت قد حان لأن يدرس الأولاد في المدارس الابتدائية دروساً في الشجاعة يكون أول عمل لها التغلب عَلَى الخوف والدهشة.

ولكن كل تربية لا تأثير لها إذا لم تؤازروها أنتم أنفسكم يجب عليكم أن تقنعوا أنفسكم بالجرأة أنكم إذا قستم أنفسكم بأناس من أترابكم لا يرون إلا ما يقع نظرهم عليه مباشرة ولا يحاولون الهروب تؤكدون أنكم دونهم في القدرة عَلَى السير وضعاف في النظر وإياكم أن