للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفوتكم وسيلة لغرس الشجاعة في نفوسكم.

إنكم لا تتمكنون من التغلب كل التغلب عَلَى الخوف بل تتخلصون منه بعض الشيء وإني طالما كنت في طفولتي وإلى الآن أخاف الرعد لأنني رأيت صاعقة انقضت عَلَى بضعة أمتار مني وأخشى الفئران إلى اليوم وقرضها الخفيف وإن قيل لي عندما كبرت أن الحيوانات الصغيرة لا تأكل الكبيرة. فما يطلب منكم اليوم هو أن لا تخافوا بتة بل أن لا تخافوا من خوفكم وأن تحاربوه وتغلبوه وبعد ذلك تحرزون مكافأة حسنة. تحرزون المجد والسرور كما قال ديكارت والمجد من شأن الكبار أما أنتم معاشر الصغار فالسرور خاص بكم لاسيما إذا وقعت أبصاركم عَلَى الشجعان فإن نفوسكم تحدثكم بأنكم لا تغارون منهم لأنكم صرتم شجعاناً بصنيعكم وأصبحتم معجبين بعملكم إعجاباً لا يمازجه هزؤ أبناء هذا الزمان بل إعجاباً يستحثكم في الأوقات الضنكة بمجرد الاعتماد عَلَى نفوسكم.

إذا اهتزت عظام أرجلكم وسوقكم خوفاً وهلعاً فخاطبوا ما علا فوقها من جثمانكم خاطبوا العقل وقولوا له أن له هيكلاً عظمياً إذا اضطرب فإن جزءنا الأعلى مأوى العجب بأنفسنا ومقر الشعور بالواجب ومنهما بلغ من حالتنا في حياتنا فقد تعرض لنا أحوال تدعونا إلى أن نختار طريق الشرف أو غيره فلنبتعد عن الجبن يسير في طريقه ولنسر في طريق السلامة.

أيها الأطفال الأعزة إن هذا هو شعور عظمتنا الشخصية وشرفنا وواجبنا الذي يحدث الشجاعة في كل فرد منا ويقويها هذا هو الشعور نفسه الذي يمازجه حب الوطن فيدعو إلى الشجاعة الوطنية. للأمم ساعات من الخطر. فإنكم تسمعون الحين بعد الآخر أنه ستنشب الحرب غداً نعم إن الحرب حادث عظيم مدهش إن فرنسا التي غلبت وهي تشكو من جرح لا يزال فيها نغاراً تعرفه حق المعرفة ولكنها مع ذلك لا تبدي حراكاً هي ليست دون سائر المم في إعجابها بنفسها واحتقارها لها ولكنها في الباطن تعرف قيمة نفسها تشعر بأن فيها فضائل وقوى أخرجتها عن ما مر في القرون لماضية من الهوى التي ظن بأنها تدهورت فيها تاريخها عظيم مجيد بسلاحها محيد بعقلها. إنها كسائر الأمم قد أتت شيئاً من الشر فاستحقت عليه بعض الأحايين اللعنات ولكنها كفرت عن سيئاتها بحسنات كثيرة فقد حررت شعوباً من رقهم لا يزالون يذكرون لها يدها عليهم وأوحى عليها عقلها السمح