للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معامل التحليل التي تشعر صاحب الملك بأقل تغيير يحدث في حالته وتبين له ما يجب إدخاله من التعديل في تغذية الماشية. وبهذه العناية والحذق في اختيار أجناس البهائم أصبح معدل السنوي للبقرة الدانيمركية يزيد عن واحد من خمسة في خلال العشر سنين الأخيرة.

وهكذا تفحص التربة أيضاً فحصاً في المعامل ويجري إصلاحها عَلَى هذا النحو والفلاحون هم الذين يتولون أعمال هذه الشركات بأنفسهم يحاسبون أربب الأملاك ولا يقع حيف عَلَى أحد ولذلك لا تقام دعوى ولا يحد خصام بينهم. وهؤلاء الفلاحون العاملون عَلَى غاية الأخلاق يرأسون بيوتاً وأسرات وكل ولد يولد لهم يكون مادة رزق جديدة ودرجة تعلمهم أرقى من عملة المدن بل أرقى من أهل الطبقة الوسطى. فتجد لكل قرية حتى الصغرى منها قاعة لإلقاء المحاضرات يتباحث فيها الفلاحون عَلَى الدوام في المسائل الاجتماعية والزراعية السياسة والدينية وأحياناً تجد لكل قرية قاعة للاستحمام وداخل بيوتهم عَلَى غاية من الذوق والنظافة. والفلاح الدانيمركي المتعلم يفهم المصالح الاقتصادية فيدل عَلَى ذكاء وبعد نظر في مستقبل بلاده الذي هو في الألبان والسمون والبيض. وقد استطاع الفلاحون الدانيمركيون الذين يؤلفون السواد الأعظم من الأغنياء وأرباب الأملاك أن يقبضوا بذكائهم عَلَى قياد بلادهم وأن يكون لهم في مجلس النواب الأكثرية المطلقة التي تتصرف بالبلاد كما تريد وتتولى مناصب الحكومة وكم من فلاح يبحث في أعوص المسائل فيحلها في حقل عقل وتجارب. فالفلاح الدانيمركي وحيد في هذا الباب في أوربا بفضل التربية التي ربيها أولئك الفلاحون في المدارس العليا فدخل فيها ٤٧ في المئة من مجموع السكان وتلقنوا التربية العقلية والأخلاقية اللازمة للحقول. وما القائمون بالشركات الزراعية إلا تلامذة تلك المدارس التي بنيت بأموال الفلاحين فهي مدارس خاصة يبذل لها الفلاحون عن سعة مع ما عرف به الفلاح من الاقتصاد في كل هذه البلاد. ولذا ترى كل كورة من كور الدانيمرك أن من موجبات شرفها أن يكون لها مدرسة عليا ومن لم يدخلها في عرف الفلاحين يكون من الطبقة الدنيا ليس له من أسباب الشرف لا قليل ولا كثير.

أنشئت المدرسة العليا في الدانيمرك ممثلة لأفكار ممثلها غروندفيج الذي عاش من سنة ١٧٨٣ إلى ١٨٧٢ ولقب بنبي الشمال وبروحه قامت وارتقت وإنك لترى إلى اليوم في المدارس التي أحدثها خطبه وأشعاره وكتاباته تقرأ وتشرح باحترام يوازي ما تقرأ به