للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدانيمركي وبذلك انبعثت الوطنية الدانيمركية من مرقدها ولا يسأل كل تلميذ في مدارسه سوى سؤالاً بمفرده بل يوجه إلى التلاميذ كلهم سؤال واحد يجيبون عليه ومدارسه تدفع أجورها وأجرة كل تلميذ من ٢٠٠ إلى ٢٥٠ كوروناً (الكورون فرنك واحد وأربعون سنتيماً) ويجتهد المعلمون أن لا يضغط التلامذة عَلَى أولادهم ويضطروهم إلى الذهاب للمدرسة حتى المعلمين إذا رأوا التلميذ يريد الهرب يفتحون له الباب ولا يسألون عنه عَلَى أن ذلك من النوادر.

وصف غروندويج فكر مدرسته بما يلي: يجب أن تحسن تعليم التلامذة معنى الحياة البشرية وطبيعتهم الخاصة وأن يلقنوا الفروض المتجثمة عَلَى الوطني ويعرفوا واجبات الوطن وأن يؤثر فيهم ببسيط الكلام فيعلمهم التاريخ والإنشاد الحي والإعجاب بما هو عظيم وجميل وبالاجتماع يلقنهم العمل المتبادل المشترك والابتهاج السليم واللذة واللعب.

وقد قاوم طريقته كثير من أهل العلم والطبقة العليا والفلسفة في بلاده وقالوا أن طريقته تخرج تلامذة محدودة عقولهم في حين يجب تعليمهم تعليماً أوربياً يحتوي أموراً كثيرة ولطالما هز بهذه الطريقة الفيلسوف العظيم كيركجارد وقال عبثاً يحاول غروندويج نشر التعليم عَلَى هذا الأسلوب ولذا أخفقت طريقته في المدن ولم تجد لها مكاناً إلا في قلوب الفلاحين وهذا ما كان يتناغى به صاحبها.

ز رت إحدى مدارس الفتيات عَلَى طريقة غروندويج في فريدريكسبورغ وفيها مائتا فتاة وكان الوقت شتاءً وفي الشتاء تعمر المدارس لأن الحقول لا عمل فيها فرأيت الدار ساذجة لا زينة فيها ولكنها البهجة بين النضرة والخضرة والنباتات المعرشة ويدخل الهواء العطر من النوافذ المفتحة والتلميذات يستمعن إلى ما يقلى عليهن من المنبر وهن في الغالب لا جمال لهن بل هن شقر الوجوه والشعور فيهن ظرف ولطف وحسن صحة وكلهن عَلَى غاية من النظافة وحسن الهندام ويلبسن فساطين من القماش الزاهي. وهن من طبقة لا تجد فيهن شريفة ولا من بنات الأعيان بل هن أجيرات في الحقول والمزارع وخادمات وترى أيديهن مسمرة عَلَى نحو مما تشاهد أيدي كل الفتيات في بلاد السكندنافيا حتى تلميذات الكليات العليا لأنهن عرفن بحبهن للرياضيات البدنية فيتلو عَلَى مسامعهن الأستاذ قطعة في تاريخ الدانيمرك كوصف معركة فريدريسيا التي قضى فيها القائد ري وكان فيها الظفر