للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في النفوس فراح وهو عَلَى أبواب الشيخوخة يعزي نفسه بأنه سيرى أعماله تكلل بالنجاح ولو كان في هذه السن إذ له أسوة حسنة يستوف كولمب الذي ذهب ففتح العالم الجديد وقد ابيض فوده وعارضه. دعا بخطابه امته إلى إحياء الشعور الديني والوطني وإن أنقى مصادر الحياة العقلية والأدبية يجب أن تكون منه عَلَى طرف الثمام تتناولها عَلَى أسرع وجه وأن ينشأ في المدارس الجديدة تعليم حي عصري وطني لنسى الدانيمرك ما أصابها من المصائب والهزائم وانسلاخ أراضيها وانفصال النروج عنها وضياع مقاطعة شلشويق وكانت الدانيمرك تشعر بحاجتها إلى النهوض وأن تدافع عن الفكر الوطني في النفوس لأن تيار الشعور الألماني يدفق عليها فاقتضى لها أن تحمي حمى لغتها الدانيمركية وعلى هذا الفكر أنشئت مدرسة روديج التي أصبحت بعد كلية أزوف ومنها انبعث نغمة الوطنية الدانيمركية واللغة الدانيمركية ورأى غروندويج في مدرسته أن تجري عَلَى غير الأسلوب الفني المتعارف وأن يقصد منها تربية العقول وتفتح أمام التلاميذ كل السبل الجديدة ويقوي الشعور الوطني والديني والأخلاقي والجمالي ويعلم وطنيين مستنيرين مستعدين إذا خرجوا من بيوتهم أن يتعلموا الزراعة أو صناعة أخرى ولذلك سمى مدارسه كلية الشعب تعلم تعليماً جديداً ولا تخول المتخرج منها امتيازاً ولا تعطيه شهادة. فلم يطلب هذا الرجل من مدرسته أن تخرج تلامذة عَلَى النحو الذي تخرجه مدارس الحكومة فيمتاز متخرجها بما ناله من الدرجة بين أقرانه ومجتمع أخوانه بل يكون من تخرج منها عَلَى استعداد للرجوع إلى المكان الذي غادره ولكن بروح غير روحه الأولى.

أفق غروندويج ونجح وإخفاقه لم يزده إلا مضاءً حتى بلغ عدد مدارسه العليا من سنة ١٨٦٤ إلى ١٩٠٤ (٧١) مدرسة ولطالما شكا من أن الأشعار التي نشرها محتذاة من الإنكليزية أو من اللغة الدانيمركية القديمة لم تؤثر إلا في طبقة مستنيرة من الشعب في حين يؤثر أن تراها تفعل في عقول الفلاحين ولكن نفعت في إحياء لغة القوم عَلَى نحو ما نفعت كليات الحكومة ومدارسها عَلَى أن تلك الأشعار لم يكن يمض يوم ولا ليلة إلا وتنشد في البلاد اشتركت في الإقبال عليها مدارسه ومدارس الحكومة وكنائس الدانيمرك وأديارها.

يبقى التلميذ إلى الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من سنه في المدرسة يتقن فيها اللغة الدانيمركية ثم يعود إلى المدرسة العليا فيزيدها إحكاماً كما يبالغون في تعليم التاريخ