الزجاج فيه تاج مرصع بالحجارة القديمة يقال أنه تاج ملك من ملوك إيران المتأخرين، هذا عدا ما هناك من القناديل الذهبية والمعلقات بديعة الشكل، ومما يدخل في عداد ذلك مكتبة مخطوطة حوت نفائس المخطوطات العديمة النظير منها نسخة من القرآن الكريم بخط الحسين بن علي بن أبي طالب إلى غير ذلك من نوادر الكتب والمخطوطات.
وأما خزانة العباس فهي أغنى الخزائن بعد خزانتي الإمام علي وهي عبارة عن مستودع أسلحة هو عبارة عن غرفتين مملوءتين أسيافاً ذات غرارين قامته ذات حدٍ واحدٍ، والذي يؤسف له إهمال ولاة الأمر هذه الأسلحة القديمة التي أصبحت أثراً بعد عين، وفيها صناديق عديدة مشحونة بأنواع الشالات الثمينة وأستار من الحرير المقصب، ومسارج شمعدانات ذهبية فاخرة، وسيف ذهبي فاخر مرصع محلى بالنقوش الدقيقة، وإبرة كبيرة من الألماس ذات قيمة غالية، ومسرجة شمعدان فاخرة مرصعة بالحجارة القديمة قيل أنها تساوي ألف جنيه، هذا عدا السجاد الجميل المزدان بأبدع التصاوير وأغرب النقوش، منها سجادة مصنوعة من الحرير دقيقة الصنع أهداها إلى الخزان الشاه عباس وقد كتب عَلَى حاشيتها كلب أستانة حضرة عباس أي كلب عتبة حضرة العباس.
أما خزانة الإمام الحسين فلم يبق منها عَلَى ما علم شيء جدير بالذكر، وكل ما هناك ١٦ إناءً مستطيلاً كلها من الذهب الإبريز وهي الآن موجودة في أعلى مشبك الحسين وقد مر ذكرها، وسبب فقر خزانة الحسين ناشئ من وقوعها بين أيدي الوهابيين وسنصف في غير هذا الموطن ما نهبه الوهابيون من خزانهة الحسين من مجوهرات وغيرها.
اظنك تتعجب من غنى هذه الخزائن ولكن لو علمت أن كربلاء عَلَى اتساعها وكثيرة سكانها لا يوجد فيها اليوم مدرسة ثانوية لازداد عجبك، ولو طفت قرى كربلاء واحدة بعد أخرى لرأيت كلها - عدا النجف الأشرف التي هي اليوم مقر العربية وموطن أدبائها وفضائلها - وفي أسوء حال بل: لرأيت الجهل متفشياً بن أبنائها، عَلَى أني أقول ما أقول لو أن أهل الحل والعقد في العراق يؤلفون جمعية يثق بها الناس لبيع هذه الآثار في أسواق أوربا ويشترون بأثمانها عقارات أو يشقون جدولاً أو يفتحون بها مصرفاً زراعياً أهلياً يساعد الفلاحين عَلَى قضاء حاجاتهم، وترويج مصالحهم، وينشئون مدرسة عالية في النجف أو كربلاء تدرس فيها العلوم الحديثة بالعربية بشرط أن يستقدموا أساتذة من علماء مصر