الداخلية وغلاء أسعار الفائض وهذا هو العامل الأكبر الذي اثر في التجارة ثم أن بعض الحوادث قد قدرت كثيراً من الحاصلات الصناعية في العالم وقلت عدد العاملين وذلك مثل حرب الترنسفال ومنشوريا وما اقتضى لهما من النفقات العسكرية في العالم بأسره. فبواسطة التجنيد حيل ملايين من العاملين وبين أعمالهم واشتغل من جهة ثانية ملايين من أرباب الصنائع في إعداد العدد الحربية فنتج من ذلك غلاء الأسعار. وإذا اعتبرنا سرعة ارتقاء الصناعات الزراعية نشهد أن جزءاً عظيماً من ريع البلاد الغية يصرف في الرفاهية والتبرج ثمن أدوات الزينة مما يؤَثر في أسعار المحاصيل بوجع عام ثم أن إقراض الأموال للبلاد الأجنبية قد زاد العملة التي تعمل بأيديها في أميركا الشمالية والجنوبية فانتهى بهجرة الناس من أوربا بكثرة زائدة. ولكن التعديل سيجري بين العرض والطلب ولا مناص من تعديل الأسعار عندما ترتقي الزراعة وموارد المناجم في الأصقاع الجديدة فتكر بذلك المآكل والمواد الأولية التي تزيد عن معدل الذهب المضروب نقوداً تتداوله الأيدي.
السود والأميون في أميركا
أثبت الإحصاء الأخير في الولايات المتحدة مسألة من أهم ما عرف في أمر الزنوج وارتقائهم في التربية فإن زنوج الجنوب لم يصلوا في دور من أدوار تاريخهم إلى مثل درجتهم اليوم في القراء والكتابة فزاد عدد المتعلمين منهم في العشر سنين الأخيرة زيادة كلية. لما قام إبراهيم لنكلن وحرر العبيد منذ ٤٩ سنة كان عدد غير الأميين في الزنوج ٣ أو ٤ في المئة فأصبح عدد القارئين والكاتبين اليوم ٧٠ في المئة وكان عدد الأميين من الزنوج سنة ١٩٠٠ ٤٤ في المئة فأصبح اليوم ٣٠ وهذا الارتقاء يزيد كثيراً عن تقدم البيض في أميركا لأن معدل قلة الأميين في البيض ٦ و١ في المئة في حين كان في الزنوج ١٤ في المئة.
وقد كان معدل المتعلمين من الزنوج في الولايات المتحدة التي لا يلقون فيها مقاومة أقل من معدلهم في الولايات التي يصادفون فيها أنواع التسهيلات فاستدل الباحثون بأن الضغط عَلَى الزنجي يعلمه وحرمانه من التمدن هو من أعظم الدواعي لإقباله عليه وقد رأوا فروقاً عظيمة في نفقات مدارس الزنوج ومدارس البيض وأجور الأساتذة وعددهم والتعليم الذي