ذكرت إحدى الصحف الإفرنجية أن غلاء المعيشة ابتدأ سنة ١٨٩٥ فلم يلبث في السنين الأخيرة أن صار فاحشاً جلب نظر رجال الحكومات والاقتصاديين وأحدث في جميع الأمم الصناعية قلقاً بين العملة عَلَى حين أن غلاء النقود أحدث اضطرابات شديدة في مصالح التجار المالية فزادت السعار في إنكلترا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وكندا وربما كان الغلاء في هذه المالك أكثر مما هو في بريطانيا العظمى وهذا ناشئ من زيادة الرسوم الجمركية عَلَى المصنوعات والغلات فالواجب إذاً أن نعرف أسباب هذا الارتفاع في الأسعار. فقد نظر رجال السياسة والتجار والاقتصاديون بما بدا لهم من ظواهر هذه المسألة فاقنعوا بأن السبب الوحيد هو زيادة محصول الذهب وهذا السبب قد يمكن قبوله لأن الذهب زاد محصوله زيادة هائلة من ذ سنة ١٨٩٠ في مناجم الترنسفال خاصة فصعد المستخرج منه في عشرين سنة من ٨٢. ٥٨٩. ٠٠٠ جنيه إلى ١١٣. ٠٠٠. ٠٠٠ جنيه سنة ١٩٠٠ ومع هذا فالواجب أن ننظر بأن معظم الذهب لا يتداول نقوداً بل يدخل في الصناعات وقد استغرقت منه في السنين الأخيرة كل من الهند ومصر واليابان وأميركا الجنوبية والمكسيك كمية وافرة.
وقد ادخرت فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة كميات وافرة من الذهب احتياطاً ومع هذا فإن النقود بدل من أن تعتدل أسعارها ارتفعت عَلَى الرغم من كثرة الذهب فغلاء السعار ينسب إلى نمو طريقة الكريدتيو فإن الموارد الاقتصادية في بلد وأراضيها الخصبة وبواخرها ومعاملها وأدواتها ومادتها وأموالها أي مجموعة ثروتها هي أساس الكريدتيو التي ينظر إليها أرباب المصارف والماليون لا وفرة الذهب وكثرة محصوله.
وإنا إذا أليقنا النزر عَلَى ماضي أعمال العالم خلال الخمسة عشرة سنة الأخيرة نرى أنه حدث مع التوفر عَلَى الاستزادة من محصول الذهب عناية فائقة في المشاريع الاقتصادية النافعة وكثرت أنواعها في البلاد كلها. وأخذت البرازيل والأرجنتين وسائر ممالك أميركا كثيراً من رؤوس الأموال الأوربية وكان من الثروات الطبيعية في غربي كندا والهبة التي هبت في صناعة الولايات المتحدة ونهضة الصناعة اليابانية وكل ما كان من النهضات عَلَى هذا النحو. وقد جاء ذلك في آن واحد مع نمو محصول الذهب. ولا تنس تأثير الموارد الجديدة في حركة التجارة عامة وكان أول نتيجة لما تم قلة رأس المال في المسائل