والأبيات ومدوني الجرائد بالإثبات وقد كتبوا تلك البشارة الثقيلة الجليلة في رقاع خفيفة بعبارات سخيفة وقد عطلت الحسناء من حيلتها وعروها من بزتها وشوهوا جمالها وأحالوا حالها فذهب المبشرون وسار القاصدون فما كان لتلك الوقعة عند من وقع عليها وقع ولا تم لغليل من رام الاطلاع على حقيقتها نقع وأرادوا بدمشق قراءتها على المنبر فما استحسنوها ولو وردتهم بزينة عبارتي وبراعتي زينوها وفي تلك الحال التفت السلطان إليّ وقال اكتب بهذه البشارة إلى بغداد وعجل بها الانفاذ فقلت على سبيل العتب انتم تريدون ما أكتبه ولا ترغبون فيما أرتبه وأهذبه فقال كأنك كتبت البشائر فهاتها حتى تهدى إلى طرقاتها فقلت ما فات فات وهيهات هيهات وأخرجت له ما بقي من بشارات البلاد التي أنشأتها بالألفاظ والمعاني التي ابتدعتها وابتدأتها فسارت فسرت البعيد والقريب وخصت من جداها بالخصب الجديب وصدحت بأسجاعها المنابر وصمت بسماعها المفاخر وظهرت بعباراتها العبر وبهرت بزبرها الزبر وعمرت بمعانيها وعمت مباهجها مناهج الأقاصي والأداني.
وقال من هذا البحر والقافية في ذكر لطف من الله في حقي خفي كان السلطان قبل استيلاء الفرنج على عكا بسنة قد عمل ترجمة تفرد بها القاضي ابن قريش لمكاتبة الأصحاب ليكتب بها إليهم ويعود بها الجواب فلم يبقى المكاتبة ابتداء وجوباً بخطي وخرج حكم عكا في الكتابة عن شرطي فقلت لأصحابي ما صرف الله قلمي عن عكاء إلا وفي علمه أن الكفر إليها يعود وأن النحوس تحلها وترحل عنها السعود واستعاذني الله من استعادتها وردها إلى شقاوتها بعد سعادتها ولقد عصم الله قلمي وكلمني وعرف شيم مخايل الطاقة من شيمي وهذا قلم جمعت به أشتات العلوم مدة عمري وما أجراه الله إلا بأجري فالحمد لله الذي صانه وعظم شأنه وما ضيع إحسانه وهو للفقه والفتيا ومصالح الدين في الدنيا وما عرف إلا بعرف فما صرف إلا عن صرف وما سفارته إلا في نجح وما أسفاره إلا عن صبح وما تجارته إلا لربح فهو يمين الدولة وأمينها ومعين الملة بل معينها بمداده يستمد إمدادها وبسداده للثغور سدادها ودواته دواء المعضلات وبعقده حل المشكلات وبخطه حط عوادي الخطوب وبقطه قط هوادي القطوب وببريه برء الأمراض وبدرءه درء الأعراض وبدره انتظام عقود العقول وبدراريه ابتسام الإقبال والقبول وبجريه جرى الجياد للجهاد وبسعيه سعي الأمجاد للإنجاد وبحركته سكون الدهماء وببركته ركون الرجاء فما كان الله