إلا بصلاحه ولا جلي ظلام إلا بإصباحه ولا وري زند إلا باقتداحه.
وقال من فصل: وكان قد عرض له مرض فانقلب إلى دمشق يداوي مزاجه فلما عاد إلى الحضرة سأله السلطان: أين كنت ولم أبطأت وحيث أصبت في المجيء فما أخطأت وقد كنا في انتظارك والسؤال عن أخبارك وهذا أوان إحسانك فأين إحسان أوانك فأجر بنانك بجرأة بيانك واجز في ميدانك وما للبشائر (بفتح القدس) إلا واصفها وللفرائد إلا راصفها وللفصاحة إلا قسها وللصحافة إلا قيسها وكان قد جمع أمس كتاب دواوينه على إنشاء كتب ما ارتضاها واقتضاب معان ما اقتضاها وكانوا سألوه في كتاب الديوان العزيز فقال: لهذا من هو أقوم به وعناني فلما ساءني ناداني واستدناني فصرفت إلى امتثال أمره عناني وسلم إلي الكتب التي كتبوها بالألفاظ التي رتبوها وقال غيرها ولا تسيرها وغرضه أني أعدل معوجها وأبدل مثبجها وافترع المعنى البكر للفتح البكر وأوشح ذكر آياته بآيات الذكر فاستجديها فما استجدتها واستلمحتها فما استملحتها وشممتها وبها سهك وكشفتها وسترهاهتك وكانوا قد تعاونوا عليها وفيها لهم شرك فشرعت في افتضاض الأبكار واقتضاء الأفكار واقتراح القريحة وافتراء رحاب الكلم الفصيحة الفسيحة وافتتحت في بشرى الفتح بكتاب الديوان العزيز وأوردت المعنى البليغ في اللفظ الوجيز ووشحت ووشعت وشعبت وأشبعت وأطلت وأطبت وصبت وأصبت وأعجزت وأعجبت ووافقت وأنست. . . . .
وقال في الوقعة العادية: ولما عرفت بالواقعة والنصرة الجامعة صدرت ثلثين أربعين كتابا بالبشارات فأبلغ المعاني وأبرع العبارات وقلت إذا نزل السلطان وجد الكتب حاضرة ورأى البشائر شائرة وركبت أنا والقاضي بهاء الدين بن شداد لمشاهدة ما هناك من أشلاء صرعى وأجساد فما أعجل ما سلبوا وعروا وفروا وقروا وقد بقرت بطونهم وفقئت عيونهم ورأينا امرأة مقتولة لكونها قاتلة وسمعناها وهي خامدة بالعبرة قائلة وما زلنا نطوف عليهم ونعبر ونفكر فيهم حتى ارتدى العشاء بالظلام فعدنا إلى الخيام وأخذت الكتب التي نمقتها بالبشائر التي حققتها وإذا السلطان قد استبطاني وعدم إجابتي لما دعاني فما صبر ولا انتظر ولا ترقبني أن أحضر ولا أمهل أن أعطى بالبشارة حقها وأجلو بأنوار المعاني فقها وأبلغ بالبلاغة مداها بتقليص الضلالة ثوب هداها وأصف بحدود الأقلام ما صنعته حدود السيوف وأروج نقودي عند السلطان وأغنيه عن الزيوف فأبصرت عنده مشرفي المطانج