للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان وتخبرونه عن هذا الشأن وتسألونه أن يحكمني في هذه البلاد فلما جئنا إلى السلطان عرف الصواب وما أخر الجواب وشهدنا عليه بالرضا وعاد الرسول إلى ملك الانكتير بفضل أمر الوصلة وإراحة الجملة وإزاحة العلة واعتقدنا أن هذا الأمر قد تم إلى أن قال وبلغ الخبر إلى مقدميهم ورؤسائهم فقصوه على قوسهم وعثروا على عروسهم فجبوها بالعذل واللذع ثم رضيت على شرط الموافقة في الدين فأنف العادل إلى آخر ما ذكر.

بيد أن الصراحة في كلام ابن شداد أكثر لأنه لم يتقيد بالسجع والترصيع وأنواع البديع المريع فقال في ذكر ملك الانكتار: وهذا ملك الانكتار شديد البأس بينهم عظيم الشجاعة قوي الهمة لهم وقعات عظيمة وله جسارى علي الحر وهو دون الفرنسيس عندهم في الملك والمنزلة لكنه أكثر مالاً منه وأشهر في الحرب والشجاعة وكان من خبره أنه وصل إلى جزيرة قبرص ولم يرى أن يتجاوزها إلا وأن تكون له وفي حكمه فنازلها وقاتلها فخرج إليه صاحبها وجمع له خلقاً كثيراً وقاتلهم قتالاً شديداً. . . . ولما كان يوم النبت ثالث عشر الشهر قدم ملك الانكتار بعد مصالحته لصاحب جزيرة قبرص والاستيلاء عليها وكان لقدومه روعه عظيمة ووصل في خمس وعشرين ثانية مملوءة بالرجال والسلاح والعدد وأظهر الإفرنج مسروراً عظيماً حتى أنهم أوقدوا تلك الليلة نيراناً عظيمة في خيامهم ولقد كانت النيران مهولة عظيمة تدل على عدة عظيمة كبيرة وكان ملوكهم يتواعدوا أننا به فكان المستأمنون منهم يخبروننا عنهم أنهم متوقنون فيها يريدون أن يفعلوا من مضايقة البله (عكا) حتى قدومه فإنه ذو رأي في الحرب مجرب وأثر قدومه في قلوب المسلمين خشية ورهبة. . . .

وقال من فصل: كنت ذكرت وصول رسول منهم يلتمسون من جانب الانكتار أن يجتمع بالسلطان وذكرت عذر السلطان عن ذلك وانقطع الرسول وعاد معاوداً في المعنى وكان حديثه مع الملك العادل ثم هو يلقيه إلى السلطان واستقر أنه رأى أن يأذن له في الخروج ويكون الاجتماع في المرج والعساكر محيطة بهما ومعهما ترجمان فلما أذن في ذلك تأخر الرسول أياماً عنده بسبب مرضه واستفاض أن ملوكهم اجتمعوا عليه وأنكروا عليه ذلك وقالوا هذه مخاطرة بدين النصرانية ثم بعد ذلك وصل رسول يقول لا تظن تأخري بسبب