الشباب الذين كانوا يعاشرونه ويجالسونه فاشتغل بهم ولم يرى القاضي ابن المحاسن وجها يرضيه فلازم داره إلى حين وفاته وهو باق على الحكم وإقطاعه جار عليه غابة ما في الباب إنه لم يبقى له حديث في الدولة وكانوا يراجعونه في الأمر فكان يفتح بابه لإسماع الحديث كل يوم بين السلاطين واستمر على ذلك حتى توفي سنة اثنتين وثلاثين وستمائة في حلب وصنف كتابه ملجأ الحكام عند التباس الأحكام بتعليق بالأقضية في مجلدين وكتاب دلائل الأحكام تكلم فيه على الأحاديث المستنبط منها الأحكام في مجلدين وكتاب الموجز الباهر في الفقه وكتاب سيرة صلاح الدين وغير ذلك وجعل داره خانقه للصوفيه.
هذان هما الرجلان اللذان تعلقا بخدمة صلاح الدين وحرص عليهما على أدلالهما عليه فنفقت بضاعتهما في سوقه والدولة سوق يحمل إليها ما يروج فيها ومع ما كانا فيه من السعة لم تلهما الدنيا عن التأليف والتدريس وإحياء معالم العلم والأدب فأثرا بفضلهما في حياتهما وبعد موتهما كتب العماد السيرة الصلاحية ممزوجة بالأدب ومع ذلك لم يفته الغرض من التاريخ حتى أنه قال فيما تم عليّ الأسطول من فصل فانشقت مرائر الفرنج وأزاحت سفنها عن النهج وقرنصت بزاة البيزانية وتقلصت جناة الجنوية وكرثت أدواء الداوية وكثرة أسواء الاسبتارية وزادت آلام الألمانية وعادت أسقام الافرنسسيية.
مما دل على أنه كان يعلم أجناس المحاربين ومما ذكره أيضا في ذكر ما تجدد لملك الانكتير (انكلترا) من المراسلة والرغبة في المواصلة قال: وصلت رسل ملك الانكتير إلى العادل بالمصافحة على المصفاة والمواتاة في الموافاة وموالاة الاستمرار على الموالاة والأخذ بالمهداة والترك للمعاداة والمظاهرة بالمصاهرة وترددت الرسل أيام وقصد التئاما وكادت تحدث انتظاما واستقر تزوج الملك العادل بأخت ملك الانكتير وأن يعول عليهما من الجانبين في التدابير على أن يحكم العادل في البلاد ويجري فيها الأمر على السداد وتكون المرأة في القدس مقيمة مع زوجها وشمسها من قبوله في أوجها ويرضي العادل مقدمي الفرنج والداوية والاسبتار ببعض القرى ولا يمكنهم من الحصون التي في الذرا ولا يقيم معها في القدس الأقسسيون ورهبان ولهم منا أمان وإحسان واستدعاني العادل والقاضي بهاء الدين بن شداد وجماعة من الأمراء من أهل الراية والسداد وهم علم الدين سليمان بن جندر وسابق الدين عثمان وعز الدين بن القدم وحسام الدين بشارة وقال لنا تمضون إلى