وختم المؤلف كلامه بالفصل الآتي تعريبه وهو في النشوء السياسي في انكلترا: ان انكلترا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي اجتازت القرن التاسع عشر بدون ان تقوم بثورة فاحتفظت بدستورها القويم ولم تمسه وكذلك بأصول حكومتها وقد نسي الأجانب الثورات التي نشبت في القرن السابع عشر واستنتجوا من ذلك ان الثبات السياسي ملازم للأخلاق الانكليزية ومع هذا فان نحت هذه الصور الباقية غير المتحولة قد تبدلت الحياة السياسية من حيث العمل تبدلاً مهماً وذلك من ابتداء القرن إلى أواخره بحيث خرجت انكلترا من طريقة حكمها القديمة فقد كانت الأمة الانكليزية سنة ١٨١٤ خاضعة بعد لطبقة من الإشراف هي القابضة على زمام المجتمع والإدارة المحلية والحكومة المركزية فجدد القرن التاسع عشر النظام الاجتماعي بسنه سنة المساواة أمام القانون فألغيت القوانين والعادات التي كانت تقضي على الطبقات النازلة ولقول بعدم الكفاءة السياسية في المخالفين في الدين مثل الكاثوليك والإسرائيليين ومثل شقاء الملاحين وسقوط المحاويج المعانين ومنع عقد جمعيات العملة وسلبت الإدارة المحلية من طبقة الأشراف من أهل البلاد وجعلت في يد مجالس ينتخبها السكان. فأبقت الحكومة المركزية على مظاهرها ولكن تبديل الجماعات المنتخبة قد اختط لها خطة جديدة فأصبح مجلس العموم بعد ان كان طائفة من المقننين الأشراف مجلسا يضم نواب الأمة وأخذ بالتدريج يقضي على حكومة الملك والنبلاء (اللوردات) حتى كاد يمسي مجلساً ذا سلطة مطلقة وصيرت الوزارة التي يجب ان تكون مجلس الملك جمعية تنفيذية لمجلس النواب وهكذا انتقلت انكلترا من الحكم الدستوري إلى الحكم النيابي وطرية حكمها النيابي تتحول إلى طريقة الحكم الشعبي أو جمهورية يحكمها مجلس منتخب انتخاباً ديمقراطياً.
وكان هذا النشوء في المجتمع والحكومة على قاعدة ديمقراطية مناقضا مناقضة صريحة للدستور الارستوكراطي في المجتمع الانكليزي الذي لم تحفل به زمنا طويلا فقد بدئ بتنفيذ هذا الدستور منذ أربعين سنة بحيث ان العالم تين (سنة ١٨٧٠) لم يتكلم عليه على انه لم يحدث من تحول داخلي في المجتمع الانكليزي بل جاء به من الخارج ولم ينشأ إلا من كيفية تأليف المملكة الانكليزية المؤلفة من أجزاء متخالفة متباينة.